لم يمنع هذا أن يحدث العكس، والأمثلة على هذا وذاك معروفة. أما كون أيام اليهود في النار "معدودة" أو "معدودات" فدلالة القلة فيها ناشئة من أن تلك الأيام يسهل عدّها لا من صيغة الإفراد أو الجمع. ولا معنى إذن لهذا الذي صدّع به الجهول أدمغتنا.
ومن الممكن جداً أن يكون القرآن الكريم قد أورد في الموضعين المشار إليهما كلام اليهود بنصه، إذ لعلّهم كانوا تارة يستعملون صيغة المفرد المؤنث، وتارة صيغة جمع المؤنث السالم، فحكي القرآن أقوالهم في كل مرة كما هي. كذلك من الممكن أن تكون "أياماً معدودات" هنا معناها "أياماً معيّنات" كما في قوله عز شأنه عن الصيام إنه كُتِبَ على المسلمين "أياماً معدودات"، أي محددات هي أيام شهر رمضان، وذلك واضح من ذكر شهر رمضان عقب ذلك. أيا ما يكن الأمر فإن المسمىَّ "عبد الفاضي" يهرف بما لا يعرف، ولقد ظلمه الذين لقّنوه هذه التفاهات فانطلق في غباءٍ يسردها سرداً. وعلى أية حال فها هي ذي عبارة "أيام معدودات" يستعملها الكتاب المقدس عند هذا الفاضي وأمثاله في غير جمع القلة بالمعنى الذي يفهمه: "الحياة الصالحة أيام معدودات". ذلك أن الحياة الصالحة، مهما