به، فنزلت فيه هذه الآية، رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وهو قول عمرو بن دينار، وعطاء بن دينار، والقاسم بن مخيمرة.
(٥٠٣) وقال مقاتل: كان رسول الله ﷺ عند أبي طالب يدعوه إلى الإِسلام، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب يريدون بالنبيّ ﷺ سوءاً، فسألوا أبا طالب أن يدفعه إِليهم، فيقتلوه، فقال: ما لي عنه صبر فقالوا: ندفع إليك من شبابنا من شئت مكان ابن أخيك، فقال أبو طالب: حين تروح الإِبل، فان حنت ناقة إلى غير فصيلها دفعتُه إليكم، وقال:

والله لَنْ يَصِلُوا إلَيْكَ بِجَمْعِهِم حَتَّى أُوَسَّدَ في التُّرَابِ دَفِينَا
فَاصْدَعْ بأَمْرِكَ مَا عَلَيْكَ غَضَاضَةٌ وابْشِرْ وقَرَّ بذاكَ مِنْكَ عُيُونا
وَعَرضْتَ دِيناً لاَ مَحَالَةَ أنَّه مِنْ خَيْرِ أدْيانِ البريَّةِ دِينا
لَولا المَلاَمَةُ أو حَذَاري سُبَّةُ لَوَجَدْتَني سَمْحَاً بذَاكَ مُبِيْنَا «١»
فنزلت فيه هذه الآية (٥٠٤) والثاني: أن كفار مكة كانوا ينهون الناس عن اتّباع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ويتباعدون بأنفسهم عنه، رواه الوالبي عن ابن عباس، وبه قال ابن الحنفية، والضحاك، والسدّي. فعلى القول الأول، يكون قوله تعالى: «وهم» كنايةً عن واحد وعلى الثاني: عن جماعة. وفي هاء «عنه» قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى النّبي صلى الله عليه وسلم. ثم فيه قولان «٢». أحدهما: ينهون عن أذاه والثاني: عن اتِّباعه. والقول الثاني: أنها تَرْجِع إلى القرآن، قاله مجاهد، وقتادة، وابن زيد. وَيَنْأَوْنَ بمعنى
طريق الثوري عن حبيب عمن سمع ابن عباس عن ابن عباس، وهذا أصح فالإسناد فيه راو مجهول ومع ذلك صححه الحاكم! وسكت عنه الذهب!. ولا يصح وما يأتي عن ابن عباس أرجح، وانظر «تفسير الشوكاني» ٨٩٠ بتخريجنا.
عزاه المصنف لمقاتل، وذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٤٢٦ عن مقاتل بدون إسناد ومع ذلك فهو معضل، ومقاتل هو ابن سليمان متهم بالكذب والخبر لم يصح بكل حال وهو واه بمرة.
أخرجه الطبري ١٣١٦٣ والبيهقي ٢/ ٣٤١ من طريق علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس، وفيه إرسال بينهما. وله شواهد عند الطبري عن ابن الحنفية ١٣١٦٢ وعن السدي ١٣١٦٤. وفي الباب روايات.
__________
(١) نسب المصنف هذه الأبيات لأبي طالب ولم يصح ذلك من جهة الإسناد كما تقدم.
قوله «غضاضة» : الغض من الشيء التنقص «والتوسد» كناية عن الموت.
(٢) قال الطبري في «تفسيره» ٥/ ١٧٣: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية، قول من قال: تأويله وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ عن اتباع محمد ﷺ من سواهم من الناس وينأون عن اتباعه. وذلك أن الآيات قبلها جرت بذكر جماعة المشتركين العادين به. والخبر عن تكذيبهم رسول الله ﷺ والإعراض عما جاءهم به من تنزيل الله ووحيه، فالواجب أن يكون قوله: وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ خبرا عنهم، إذا لم يأتنا ما يدل على انصراف الخبر عنهم إلى غيرهم، بل ما قبل هذه الآية وما بعدها، يدل على صحة ما قلنا من أن ذلك خبر عن جماعة مشركي قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، دون أن يكون خبرا عن خاص منهم. وإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الآية: وإن ير هؤلاء المشركون يا محمد، كل آية لا يؤمنوا بها، حتى إذا جاءوك يجادلونك يقولون: «إن هذا الذي جئتنا به إلا أحاديث الأولين وأخبارهم». وهم ينهون من استماع التنزيل. وينأون عنك فيبعدون منك ومن أتباعك اهـ.


الصفحة التالية
Icon