لبكائه، ثم انصرف إليهم، فقالوا: ما الذي أبكاك؟ فقال: «مررت بقبر أمي فصليت ركعتين، ثم استأذنت ربي أن أستغفر لها، فنُهيت، فبكيت، ثم عدت فصلّيت ركعتين، واستأذنت ربي أن أستغفر لها، فزُجرت زجراً، فأبكاني»، ثمّ دعا براحلته فركبها فما سار هنيّة، حتى قامت الناقة لثقل الوحي فنزلت: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا والأية التي بعدها، رواه بريدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٧٦٥) والثالث: أن رجلاً استغفر لأبويه، وكانا مشركين، فقال له علي بن أبي طالب: أتستغفر لهما وهما مشركان؟ فقال: أو لم يستغفر إبراهيم لأبيه؟ فذكر ذلك عليّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية والتي بعدها، رواه أبو الخليل عن علي عليه السلام.
(٧٦٦) والرابع: أن رجالا من أصحاب رسول الله ﷺ قالوا: يا نبي الله إن من آبائنا من كان يحسن الجوار، ويصل الرحم، ويفك العاني، ويوفي بالذمم، أفلا نستغفر لهم؟ فقال: «بلى، والله لأستغفرن لأبي كما استغفر إبراهيم لأبيه»، فنزلت هذه الآية، وبيَّن عذر إبراهيم، قاله قتادة.
ومعنى قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ أي: من بعد ما بان أنهم ماتوا كفاراً.
قوله تعالى: إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فيه قولان: أحدهما: أن إبراهيم وعد أباه الاستغفار، وذلك قوله تعالى: سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي «١»، وما كان يعلم أن الاستغفار للمشركين محظور حتى أخبره الله تعالى بذلك. والثاني: أن أباه وعده أنه إن استغفر له آمن فلما تبيَّن لإبراهيم عداوة أبيه لله تعالى بموته على الكفر، ترك الدعاء له. فعلى الأول، تكون هاء الكناية في «إيَّاه» عائدة على آزر، وعلى الثاني، تعود على إبراهيم. وقرأ ابن السميفع، ومعاذ القارئ، وأبو نهيك: «وعدها أباه» بالباء.
أخرجه الترمذي ٣١٠١ والنسائي ٤/ ٩١ وأحمد ١/ ٩٩ و ١٣٠ و ١٣١ وأبو يعلى ٣٣٥ و ٦١٩ والطبري ١٧٣٤٨ و ١٧٣٤٩ من طرق عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الخليل عبد الله بن الخليل عن علي به، وإسناده لين أبو الخليل، مقبول، وقد توبع على معنى هذا الحديث كما تقدم دون لفظه. والله أعلم.
ضعيف. أخرجه الطبري ١٧٣٤٧ عن قتادة مرسلا بأتم منه، وهذا ضعيف لإرساله.
__________
(١) سورة مريم: ٤٧.