[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١١٠ الى ١١١]

قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (١١٠) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً (١١١)
قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ الآية. هذه الآية نزلت على سببين، نزل أوّلها إلى قوله تعالى: الْحُسْنى على سبب، وفيه ثلاثة أقوال «١» :
(٩٢٢) أحدها: أن رسول الله تهجَّد ذات ليلة بمكة، فجعل يقول في سجوده: «يا رحمن، يا رحيم»، فقال المشركون: كان محمدٌ يدعو إِلهاً واحداً، فهو الآن يدعو إِلهين اثنين: الله، والرحمن، ما نعرف الرحمن إِلا رحمن اليمامة، يعنون: مسيلمة، فأنزل اللهُ تعالى هذه الآية، قاله ابن عباس.
(٩٢٣) والثاني: أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان يكتب في أول ما أوحي إِليه: باسمك اللهم، حتى نزل:
إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ «٢» فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال مشركو العرب: هذا الرحيم نعرفه، فما الرحمن؟ فنزلت هذه الآية، قاله ميمون بن مهران.
(٩٢٤) والثالث: أنّ أهل الكتاب قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلّم: إِنك لَتُقِلُّ ذِكْر الرحمن وقد أكثر الله في التوراة هذا الاسم، فنزلت هذه الآية، قاله الضّحّاك.
فأما قوله تعالى: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ. فنزل على سبب، وفيه ثلاثة أقوال:
(٩٢٥) أحدها: أن رسول الله كان يرفع صوته بالقرآن بمكة فيسُبُّ المشركون القرآن ومن أتى به
ضعيف. أخرجه الطبري ٢٢٨٠١ وابن مردويه كما في «أسباب النزول» ٧٠٥ للسيوطي واللفظ بدون ذكر مسيلمة كلاهما عن ابن عباس، وفي إسناده الحسين بن داود «سنيد» وهو ضعيف.
وأخرجه الطبري ٢٢٨٠٢ عن مكحول مرسلا. وفيه ذكر مسيلمة وهو باطل فالسورة مكية، وأمر مسيلمة كان قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلّم بقليل. وانظر «تفسير ابن كثير» ٣/ ٨٩ و «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي ٤٠٨٣ و ٤٠٨٤ وكلاهما بتخريجنا.
ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٥٩٤ عن ميمون بن مهران مرسلا هكذا بلا سند، وهو باطل، لأن السورة مكية. وانظر «الجامع لأحكام القرآن» ٤٠٨٥ بتخريجنا.
باطل. عزاه المصنف رحمه الله للضحاك، وهو بدون إسناد، ومع ذلك مراسيل الضحاك واهية، وراويته جويبر بن سعيد ذاك المتروك. والسورة مكية، وأخبار يهود مدنية.
صحيح. أخرجه البخاري ٤٧٢٢ و ٧٤٩٠ و ٧٥٢٥ و ٢٥٤٧ ومسلم ٤٤٦، ١٤٥١ والترمذي ٣١٤١ والنسائي في «التفسير» ٣٢٠ وأحمد ١/ ٢٣ عن ابن عباس، في قوله تعالى: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها قال: نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلّم مختف بمكة كان إذا صلّى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع المشركون سبّوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلّم: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ أي: بقراءتك فيسمع المشركون فيسبُّوا القرآن وَلا تُخافِتْ بِها عن أصحابك فلا تسمعهم وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا لفظ البخاري.
وانظر «أحكام القرآن» لابن العربي ١٤٥١ بتخريجنا.
__________
(١) قال ابن كثير رحمه الله في «تفسيره» ٣/ ٨٩: يقول الله تعالى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين المنكرين صفة الرحمة لله عز وجل، المانعين من تسميته بالرحمن: ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى لا فرق بين دعائكم له باسم «الله» أو باسم «الرحمن» فإنه ذو الأسماء الحسنى.
(٢) سورة النمل: ٣٠.


الصفحة التالية
Icon