فتَحاتَّ من النَّبات، ومثله الرُّفات. قال مقاتل: هذا مثل ضرب للدنيا، بينا ترى النبت أخضر، إذ تغيَّر فَيبِسَ ثُمَّ هَلَكَ، وكذلك الدُّنيا وزينتُها. وقال غيره: هذا البيان للدّلالة على قدرة الله عزّ وجلّ.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٢٢]
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٢)
قوله تعالى: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ قال الزجاج: جوابه متروك، لأنَّ الكلام دالٌّ عليه، تقديره:
أفمن شَرَحَ اللهُ صدره فاهتدى كمن طبع على قلبه فلم يَهْتَد؟ ويُدلُّ على هذا قوله: فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ.
(١٢٢٥) وقد روى ابن مسعود أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تلا هذه الآية، فقلنا: يا رسول الله، وما هذا الشَّرْحُ؟ فذكر حديثا قد ذكرناه في قوله: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ «١».
قوله تعالى: فَهُوَ عَلى نُورٍ فيه أربعة أقوال. أحدها: اليقين، قاله ابن عباس. والثاني: كتاب الله يأخذ به وينتهي إليه، قاله قتادة. والثالث: البيان، قاله ابن السائب. والرابع: الهُدى، قاله مقاتل.
وفيمن نزلت هذه الآية؟ فيه ثلاثة أقوال «٢» : أحدها: أنها نزلت في أبي بكر الصِّدِّيق، وأًبيّ بن خَلَف، رواه الضحاك عن ابن عباس. والثاني: في عليّ وحمزة وأبي لهب وولده، قاله عطاء. والثالث: في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفي أبي جهل، قاله مقاتل.
وأخرجه الحاكم ٤/ ٣١١ من طريق محمد بن بشر بن مطر، والبيهقي في «الشعب» ١٠٥٥٢ من طريق ابن أبي الدنيا كلاهما عن محمد بن جعفر الوركاني عن عدي بن الفضل عن عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود به. وإسناده ضعيف، لضعف عدي بن الفضل، وقد سكت عليه الحاكم، وأعله الذهبي بوهن ابن الفضل. هذا وله علة ثانية، المسعودي صدوق إلا أنه اختلط. وأخرجه الطبري ١٣٨٥٩ من وجه آخر عن أبي عبيدة عن أبيه ابن مسعود مرفوعا، وإسناده ضعيف، ففي الإسناد مجاهيل، وعلة ثانية: وهي الإرسال بين أبي عبيدة، وابن مسعود. وأخرجه الطبري أيضا ١٣٨٦١ من وجه آخر عن عبد الرحمن بن عتبة عن ابن مسعود به مرفوعا وهذا إسناد ضعيف، عبد الرحمن عن ابن مسعود معضل. وقد ورد من مرسل أبي جعفر، أخرجه عبد الرزاق في «تفسيره» ٨٥٢ ومن طريقه الطبري ١٣٨٥٦ و ١٣٨٥٧ و ١٣٨٥٨. وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» ٣١٥ من وجه آخر عن أبي جعفر به، هذا مرسل، ومع إرساله، أبو جعفر هذا متهم بالوضع. قال أحمد: أحاديثه موضوعة. راجع «الميزان» ٤٦٠٨. وأخرجه الطبري ١٣٨٦٠ والبيهقي في «الأسماء والصفات» ٣٢٦ من وجه آخر عن عبد الله بن المسور. وعبد الله هذا هو أبو جعفر المدائني المتقدم ذكره، وهو متروك متهم، فالحديث ضعيف، ولا يصح عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وحسبه أن يكون من كلام من دون ابن مسعود، والله أعلم. وأخرجه البيهقي ٣٢٥ من وجه آخر عن أبي جعفر فجعله من قوله، ولم يرفعه وقال: وقد روي في هذا خبر مرفوع. وانظر الحديث المتقدم في سورة الأنعام عند آية:
١٢٥. الخلاصة: المتن منكر كونه مرفوعا، وحسبه أن يكون موقوفا، أو من كلام أبي جعفر المدني فإنه لا يشبه كلام النبوة، بل الأشبه أنه من كلام الصوفية والوعاظ، والله أعلم.
__________
(١) الأنعام: ١٢٥.
(٢) لا حجة في شيء من ذلك، والآية عامة.