واستدل بعموم الآية من قال بالحجر على السفيه البالغ. سواء طرأ عليه أم كان من حين البلوغ. ومن قال بالحجر على من يخدع في البيوع. ومن قال بأن من يتصدق على محجور، وشرط أن يترك في يده، لا يسمع منه في ذلك.
لطيفة:
في قوله تعالى: الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً حث على حفظ الأموال وعدم تضييعها.
قال الزمخشريّ: كان السلف يقولون: المال سلاح المؤمن. ولأن أترك مالا يحاسبني الله عليه، خير من أن أحتاج إلى الناس. وعن سفيان، وكانت له بضاعة يقلبها: لولاها لتمندل بي بنو العباس. وعن غيره (وقيل له: إنها تدنيك من الدنيا) :
لأن أدنتني من الدنيا لقد صانتني عنها. وكانوا يقولون: اتجروا واكتسبوا. فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل دينه. وربما رأوا رجلا في جنازة، فقالوا له:
اذهب إلى دكانك. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٦]
وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (٦)
وَابْتَلُوا الْيَتامى أي اختبروا عقولهم ومعرفتهم بالتصرف حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ أي بأن يحتلموا أو يبلغوا خمس عشرة سنة. لما
في الصحيحين «١» عن ابن عمر قال: إن رسول الله ﷺ عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزني ثم عرضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني
. قال نافع: فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فحدثته هذا الحديث فقال: إن هذا لحدّ بين الصغير والكبير.
وكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن بلغ خمس عشرة. وكذا نبات الشعر الخشن حول العورة، لما
رواه الإمام أحمد «٢» وأهل السنن عن عطية القرظيّ قال: عرضنا على النبيّ

(١) أخرجه البخاري في: الشهادات، ١٨- باب بلوغ الصبيان وشهادتهم.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٤/ ٣١٠.


الصفحة التالية
Icon