صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فكان من أنبت قتل. ومن لم ينبت خلّى سبيله. فكنت فيمن لم ينبت. فخلّى سبيلي.
قال الترمذي: حسن صحيح. فَإِنْ آنَسْتُمْ أي شاهدتم وتبينتم مِنْهُمْ رُشْداً أي صلاحا في دينهم وحفظا لأموالهم. قاله سعيد بن جبير، وروي عن ابن عباس والحسن وغير واحد من الأئمة فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ أي من غير تأخير.
وظاهر الآية الكريمة أن من بلغ غير رشيد إما بالتبذير أو بالعجز أو بالفسق، لا يسلم إليه ماله لأنها مفسدة للمال وَلا تَأْكُلُوها أيها الأولياء إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا أي مسرفين ومبادرين كبرهم. أو لإسرافكم ومبادرتكم كبرهم. تفرّطون في إنفاقها وتقولون: ننفق كما نشتهي قبل أن يكبر اليتامى فينتزعوها من أيدينا وَمَنْ كانَ من الأولياء غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ أي يتنزه عن أكل مال اليتيم. فإنه عليه كالميتة والدم. وليقنع بما آتاه الله تعالى من الرزق وَمَنْ كانَ فَقِيراً يمنعه اشتغاله بمال اليتيم عن الكسب. وإهماله يفضي إلى تلفه عليه فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ بقدر حاجته الضرورية وأجرة سعيه وخدمته. كما رواه ابن أبي حاتم عن عائشة حيث قالت:
فليأكل بالمعروف بقدر قيامه عليه. ورواه البخاري «١» أيضا. قال ابن كثير: قال الفقهاء: له أن يأكل أقل الأمرين أجرة مثله. وقد حاجته. وهل يردّ إذا أيسر؟ وجهان:
أحدهما لا يرد لأنه أكل بأجرة عمله وكان فقيرا. وهذا هو الصحيح عند أصحاب الشافعيّ. لأن الآية أباحت الأكل من غير بدل.
وروى الإمام أحمد «٢» عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا سأل النبيّ ﷺ فقال: ليس لي مال ولي يتيم.
فقال: كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا. ومن غير أن تقي مالك، (أو قال تفدي مالك بماله) ورواه ابن أبي حاتم ولفظه: كل بالمعروف غير مسرف. ورواه أبو داود والنسائيّ وابن ماجة.
وروى ابن حبان في (صحيحه) وابن مردويه في (تفسيره) عن جابر: أن رجلا قال: يا رسول الله! مما أضرب يتيمي؟
قال: مما كنت ضاربا منه ولدك. غير واق مالك بماله. ولا متأثل منه مالا.
وروى عبد الرزاق عن الثوريّ عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال: جاء أعرابيّ إلى ابن عباس فقال: إن في حجري أيتاما. وإن لهم إبلا. ولي إبل وأنا أمنح من إبلي فقراء.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٢/ ٢١٦.