أنفس، فكيف يقتصر على السّوسي والدّوري، وليس لهما مزية على غيرهما، لأن الجميع مشتركون في الضبط والإتقان، والاشتراك في الأخذ.
قال: ولا أعرف لهذا سبباً إلا ما قضى من نَقْص العلم.
وقال مكي: مَنْ ظن أن قراءة هؤلاء القراء، كعاصم، ونافع، وأبي عمرو
- أحد الحروف السبعة التي في الحديث - فقد غلط غلطاً عظيما.
قال: ويلزم من هذا أن ما خرج عن قراءة هؤلاء السبعة مما ثبت عن الأئمة وغيرهم، ووافق خط المصحف ألا يكون قرآناً، وهذا غلط عظيم، فإن الذين صَّنفوا في القراءات من الأئمة المتقدمين، كأبي عبيد القاسم بن سلام، وأبي حاتم السجستاني، وأبي جعفر الطبري، وإسماعيل القاضي - قد ذكروا أضعاف هؤلاء، وكان الناس على رأس المائتين بالبصرة على قراءة أبي عمرو، ويعقوب، وبالكوفة على قراءة حمزة، وعاصم، وبالشام على قراءة ابن عامر، وبمكة على قراءة ابن كثير، وبالمدينة على قراءة نافع، واستمروا على ذلك، فلما كان على رأس الثلاثمائة أثبت ابن مجاهد
اسم الكسائي وحذف يعقوب.
قال: والسبب في الاقتصار على السبعة - مع أن في أئمة القراء مَنْ هو أجَل
منهم قدراً، ومثلهم أكثر من عددهم - أن الرواة عن الأئمة كانوا كثيراً جداً، فلما تقاصرت الهمم اقتصروا على ما يوافق خط المصحف على ما يسهل حفظه وتنضبط القراءة به، فنظروا إلى من اشتهر بالثقة والأمانة وطول العمر في ملازمة القراءة به، والاتفاق على الأخذ عنه، فأفردوا من كل مصر إماماً واحداً، ولم يتركوا مع ذلك نقْلَ ما كان عليه الأئمة غير هؤلاء من القراء ولا القراءة به، كيعقوب، وأبي جعفر، وشَيْبَة، وغيرهم.
قال: وقد صنّف ابن خبير المكي - قبل ابن مجاهد - كتاباً في القراءات.
فاقتصر على خمسة اختار من كل مصر إماماً، وإنما اقتصر على ذلك لأن
المصاحف التي أرسلها عثمان كانت خمسة إلى هذه الأمصار، ويقال: إنه وجّهَ لسبعة: هذه الخمسة، ومصحفاً إلى اليمن، ومصحفاً إلى البحرين،


الصفحة التالية
Icon