وسمى ابن جِنّي الحذف شجاعة العربية، لأنه يشجع على الكلام.
قاعدة
في حذف المفعول اختصارًا واقتصارًا
قال ابن هشام: جرت عادة النحويين أن يقولوا بحذف المفعول اختصاراً
واقتصاراً، ويريدون بالاختصار الحذف لدليل، وبالاقتصار الحذف لغير دليل، ويمثلونه بنحو: (كُلوا واشْرَبوا)، أي أوقعوا هذيْنِ الفعلين.
والتحقيق أن يقال: يعني كما قال أهل البيان: تارة يتعلق الغرض بالإعلام
بمجرد وقوع الفعل من غير تعيين مَنْ أوقعه ومن أوقع عليه، فيجاء بمصدره
مسنداً إلى فعل كون عام، فيقال حصل حريق أو نهب.
وتارة يتعلق بالإعلام بمجرد إيقاع الفعل للفاعل، فيقتصر عليهما ولا يذكر المفعول ولا ينوى، إذ المنوي كالثابت، ولا يسمى محذوفاً، لأن الفعل ينزل لهذا القصد منزلة ما لا مفعول معه، ومنه: (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ).
(هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ).
(وكُلوا واشربوا ولا تسْرِفُوا).
(وإذا رأيتَ ثَمَّ).
إذ المعنى ربي الذي يفعل الإحياء والإماتة.
وهل يستوي مَنْ يتصف بالعلم ومن ينتفي عنه
العلم، وأوْقِعوا الأكل والشرب وذَروا الإسر اف.
وإذا حصلت منك رؤية.
ومنه: (ولما ورَد ماءَ مَدْيَن).
ألا ترى أنه عليه السلام رحمهما إذ كانتا على صفة الذياد وقومهما على السقي لا لكون مذودهما غنما ومسقيّهم إبلاً، وكذلك المقصود من " لا نسقي " السقي لا السْقِيّ.
ومن لم يتأمل قدر: يسقون إبلهم، وتذودان غنمهما، ولا نسقي غنما.
وتارة يُقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله، فيذكران، نحو: لا
تَأكُلُوا الربا)، (ولا تقْرَبوا الزنا).
وهذا النّوْع الذي إذا لم يذكر محذوفه قيل


الصفحة التالية
Icon