وأما الثالث ففيه أجوبة أخر، منها: أن ثم بمعنى الواو، فلا إيراد.
وقيل: المراد ترتيب الخبر لا المخبر به، كقوله: (ثم كان من الذين آمنوا). وقيل على بابها، ولكي لتفاوت ما بين الخلقتين لا للتراخي في الزمان.
وقيل خلق بمعنى قَدَّر.
وأما الرابع وجواب ابن عباس عنه فيحتمل كلامه أنه أراد سَمّى نفسه
غفوراً رحيما، وهذه التسميةُ مضَتْ، لأن التعلق انقضى.
وأما الصفتان فلا تزالان كذلك لا تنقطعان، لأنه إذا أراد المغفرة أو الرحمة في الحال أو الاستقبال وقع مراده، قاله الشمس الكرماني، قال: ويحتمل أن يكون ابن عباس أجاب بجوابين:
أحدهما أن التسمية هي التي كانت وانقضت، والصفة لا نهاية
لها، والآخر أن معنى كان للدوام، فإنه لا يزال كذلك، ويحتمل أن يحمل
السؤال على مسلكين والجواب على دفعهما، كأن يقال هذا اللفظ يُشعرِ بأنه في الزمان الماضي كان غفورا رحيما مع أنه لم يكن هناك من يغفر له أو يرحم، وبأنه ليس في الحال كذلك لما يشعر به لفظ " كان ".
والجواب عن الأول بأنه كان في الماضي تسمّى به.
وعن الثاني بأن " كان " تعطي معنى الدوام.
وقد قال النحاة: كان لثبوت خبرها ماضياً دائماً أو منقطعا.
وقد أخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس أن يهودياً قال: إنكم
تزعمون أن الله كان عزيزا حكيماً، فكيف هو اليوم، فقال: إنه كان في نفسه عزيزاً حكيماً.
موضع آخر توقف فيه ابن عباس: قال أبو عبيد: حدثنا إسماعيل عن أيوب.
عن ابن أبي مُلَيْكة، قال: سأل رجل ابن عباس عن (يَوْم كانَ مِقْدَاره ألف
سنة).
وقوله: (يوم كان مقداره خمسين ألف سنة).
فقال ابن عباس: هما يومان ذكرهما الله في كتابه، والله أعلم بهما.


الصفحة التالية
Icon