(فاَذْكُروني أَذْكرْكمْ) : قد قدمنا مرارا أنَّ منزلة العبد
من الله حيث أنزله العبد، ولهذا لما قال داود: يا رب، كنْ لسليمان كما كنْتَ لي.
فأَوحى اللَهُ إليه: قل له يكون لي كما كنْتَ لي أكون له كما كنتُ لك.
وقد أمرنا الله بهذا في آياتٍ من كتابه، قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ).
(فافسَحُوا يَفْسح الله لكم).
(إنْ تَنْصُروا الله ينصركم).
(يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ).
(هل جزاءُ الإحسانِ إلا الإحسان).
وقد اختلفت الأقاويل في قوله: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ) - نحواً من أربعين قولاً، فإن ذكرته بالإيمان يذكرك بالجنة، لقوله: (وعد الله المؤمنين).
وإن ذكرته بالاسترجاع يذكرك بالرحمة.
وإن ذكرته بالاستغفار يذكرك بالمغفرة.
وإن ذكرته بالإنفاق يذكرك بالْخَلَف.
وإن ذكرته بالشكر يذكرك بالزيادة.
وإن ذكرته بالصبر يذكرك بالأجر.
وإن ذكرته بالتقوى يذكرك بالفرج.
وإن ذكرته بالتوكّل يذكرك بالكفاية.
وإن ذكرته بالتوبة يذكرك بالقبول.
وإن ذكرتَه بالدعاء يذكرك بالإجابة.
وإن ذكرته بالمجاهدة يذكرك بالهداية.
وإن ذكرته بالطاعة يذكرك بالمودة.
وإن ذكرته بالسجود يذكرك بالقرب.
وإن دْكرته بالإحسان يذكرك بالرحمة.
وإن ذكرته بالاستقامة يذكرك بالأمْن.
وإن دْكرته بالقَرْض يذكرك بالتضعيف.
وإن ذكرته بالفرائض يذكرك بالفلاح.
وإن ذكرته بالخشية يذكرك بالفوز.
وإن ذكرته بالاعتصام يذكرك بالنصر.
وإن ذكرته في نفسك ذكرك في نفسه.
وإن ذكرتَه في مَلَأ دْكرك في ملأ خير مِنْ ملَئك.
وإن ذكرته بالنوافل ذكرك بالمحبة.
وإن تقرَّبت إليه شِبْراً تقرّب منك باعاً.
وإن أتيته مَشْياً أتاك هَرْوَلة.
وإن أتَيتَه بقرَاب الأرض خطيئة ولم تشرِك به أتاك بمثلها مغفره، وهو الغفور الرحيم.
وفي التوراة: يا ابن آدم أظهرتَ الذنوب معي وأخفيتها عن الخلق، وأبديت
الحسنات لِخَلْقي ولم تخْلِصْها لي، وأكلْتَ رزقي ولم تشكرني، وبارزتَني بالمعاصي ولم تَستَحِ منّي، ولم تحذرني، أمّا ما أظهرت من الذنوب فقد غفرتها لك،