صفة للحياة، كذلك جعل الآخرة صفة للدار، ولأنه في المصاحف بلامين إلا
في مصحف الشام، وما في يوسف بلام واحدة على الإضافة، فوافقوا المصاحف، وقراءة ابن عامر على الإضافة موافقةٌ لمصحفهم، واعتباراً بما في يوسف.
ويقَوّي ما في هذه السورة ما في الأعراف: (والدار الآخرة خير).
(وقالوا لولا نزِّلَ عليه آيةٌ) :
الضمير عائد على الكفار.
ولولا تحضيض بمعنى هلاّ.
ومعنى الآية: هلا أنزل على محمد بيانٌ واضح لا يَقَع معه توقف من أحد، كمَلَك يشهد له، أو غير ذلك مِنْ تشططهم المحفوظ في هذا فأمِر عليه السلام بالردِّ عليهم بأن الله عز وجل له القدرة على إنزال تلكَ
الآيات، (ولكن أكثرهم لا يعلمون)، أنها لو نزلت ولم يؤمنوا
لعوجلوا بالعقوبة.
ويحتمل: (ولكن أكثرهم لا يعلمون)، أن الله تعالى إنما جعل الإنذار في آيات معروضة للنظر والتأمّل ليَهْتدِيَ قومٌ ويضِلَّ آخرون.
فإن قيل: ما وَجْه إفراد الآية هنا وجمعها في العنكبوت، ولِمَ طلبوا
الآية وقد أتى بمعجزات وآيات؟
فالجواب: أن (لولا) في الآيتين تحضيض، وإنما يجري في كَلاَمِه عندما
يراه المتكلم به أولى أو أهمّ في مقصود ما أو أتمّ في مطلب ما، إلى أشباهِ هذا، مما يستدعي التحضيض، فأفردوا هنا الآية لما قصدوه من أنه عليه السلام لو جاءهم بآية واحدةٍ من الضَّربِ الذي طلبوه.
أما آية العنكبوت فقد تقدَّم قبلها: (بل هو آيات بيناتٌ)، وقال بعدها: (وما يَجْحَد بآياتنا)، وقال بعدها: (قل إنما الآيات عند الله)، فلم يكن ليناسب بعد اكتناف هذه الجموع توحيد آيةٍ، ثم إن هذه الآية لم يتقدمها من التهديد وشديد الوَعيد ما تقدَّم آيةَ الأنعام، فناسب ذلك ورود
الفعل غير مضعَّف.
وجاء ذلك كلّه على ما يجب.