للزمخشري في قوله: (فلما أضَاءَتْ ما حَوْلَه ذهب الله بنورهم).
وجاءت هذه الآية على العكس في قوله: لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ).
فعبَّر بالثبوت في الفعل، وفي النفي بالاسم، فنفى عنه البلوغ الثابت دائما، ولا يلزم منه في البلوغ المتجدد الثابت وقتاً ما؟
والجواب أنَّ القرينةَ هنا تنفي هذا المفهوم المتوهَّم، وتعتن أنَّ المراد نفْيُ
البلوغ على الإطلاق كيفما كانت.
(ومِمَّا يوقدون عليه في النار ابتغاءَ حِلْيَةٍ أو مَتاع زَبدٌ مِثْلُه) :
الزمخشري: هو كل ما يلين من المعادن، فإذا برد اشتد وتبين، كالذهب
والفضة والحديد والنحاس والرصاص.
والحلية: كل ما يتحلَّى به من الذهب والفضة وغيرها.
(والذين يَنْقُضون عهدَ الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر اللهُ به أن يوصَل) : هذا دليل على أن العهد يطلق على الوعد، وعلى الأمْرِ المشقّ الْمُلْتَزَم، ولو كان العهد هنا الميثاق لما كان لقوله: (من بَعْد ميثاقه) فائدة.
وقيل هي مباينة لما قبلها، ووقعت المبالغة فيما قبلها بتسعة أوصاف، وفي هذه بثلاثة أوصاف: لأن الأولى في معرض الجزاء على الطاعة.
وهذه في معرض العقوبة على المعصية، فناسب المبالغة في الأولى، تأكيداً على
المثابرة على الطاعة، وعدم المبالغة في هذه تنفيراً عن المعاصي، وأن العقاب يقع على أدنى شيء من المعصية.
ووجْه ثان: وهو أن نقض العهد إشارةٌ إلى العهد المأخوذ على الخلائق يوم: (ألَسْتُ بربكم)، فهو راجع إلى التوحيد.
وقطع ما أمر الله بوصله: راجع إلى الإيمان بالرسول، لأن تكذيبه قطع له
مِن مرسله، والإيمان به إقرار بصلته مع مرسله.
والفساد في الأرض راجعٌ إلى المعاصي.
وفي الآية حجةٌ لمن يقول: إن المندوب غير مأمور به، لأنها في معرض الذم لفاعل ذلك، فلو كان مأموراً به لما


الصفحة التالية
Icon