الذي يلزم بعضه بعضاً، وأمَر الله بهذه الآية سؤال المشركين عن خَلْق الله
الملائكة والسماوات والأرض والمشارق والكواكب: (أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا)، ومنْ لازم جوابهم بأنهم أشدّ خلقاً منهم تقوم عليهم
به الحجة في إنكارهم البعث في الآخرة، كأنه سبحانه يقول: هذه المخلوقات
أشدُّ خلقاً منكم، فكما قدرنا على خلقتكم كذلك نَقْدِر على إعادتكم بعد
فَنَائكم، لأنكم أضعف خَلْقه، وكيف لا وأنتم من طين لازِب!
(ولا هُمْ عَنها ينزَفُون)، عن هنا سببية، كقوله: فعلته عن أمرك.
والنزف: السكر، يعني أنَّ شاربَ خمر الآخرة لا يسكر منها، لأنها
حُلْوة طيبة، بخلاف خمر الدنيا.
والعجب ممَّنْ يكون في عقله ويُذْهِبُه بشربها، وأقل ما فيه من الوعيد
الحديث: " منْ شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة ".
فإن قلت: هل هذا الوعيد يتناولُ مَنْ تاب مِن شُرْبها أم لا؟
والجواب: أنَّ هذا فيمن لم يَتُب، وأما التائب فيبدِّل الله سيئاتِه حسنات، كما قدمنا في غير ما موضع.
(لا تَسْمَعُ فيها لاَغيةً) :
هو من لَغْو الكلام، ومعناه الفحش وما يكره، فيحتمل أنْ يريد كلمة لاغية، أو جماعة لاغية.
(لإيلافِ قريش).
لإِيْلاَفِ: آلفت إيلافاً.
وقيل هذه اللام موصولة بما قبلها.
المعنى: (فجعلهم كعَصْفٍ مأكول)، (لإيلاف قريش).
وكانت لهم رِحْلتان في كل عام: رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام.
وقيل: كانت الرحلتان جميعاً إلى الشام.
وقيل: كانوا يرحلون في الصيف الى الطائف حيث الماءُ والظلّ فيقيمون بها، ويرحلون في الشتاء إلى مكة لسُكنَاهم بها.
واختلف في تعلق قوله: (لإيلاف قريش) على أقوال قيل إنه
متعلق بقوله: (فلْيَعْبُدوا)، والمعنى فليعبدوا الله من أجل