تكذيب الربوبية، وجهل بصفات الله وقدرته، وماذا يزيد في ملكه أو ينقص
تعذيب الخلق كلّهم أو رحمتهم.
(يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ) :
المقصود بهذه الآية الاعتبار والنظر، ولذلك ابتدأها بقوله تعالى: (أولَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ الله من شيء).
والرؤية بصرية بسبب تعديها بإلى، كما قال تعالى: (أفَلاَ ينظرون إلى الإبل كيف خلقت)، والإنكاز ليس هو لنفس الرؤية، بل للازمها.
وانظر هل وقع التوقيف بمجموع تفيّؤ الظلال وكونها سجداً لله، أو بكونها سجداً لله فقط، وهل قوله: يتفيّأ ظلاله حال أو صفة، ونظيره
قولك: ألم آتكَ بزيد العالم راكباً، وقوله: ألم آتك بزيد عالما راكباً.
والصواب الأول، لأن نفيها أمر حسّي مشاهد، وكونها سجداً للهِ لا يدْرَك بالمشاهدة، بل بالدليل العقلي.
وعلى هذا التأويل تكون الآية حجة لمن يقول: إنَّ العرض لا وجود له.
والمشهور عند المتكلمين أنه أمر وجودى، حكى القولين المقترح.
ووجة الدليل أنَّ الآية دلّت على أنَّ كل شيء مخلوق لله تعالى، وأن ظله
متفيّأ ساجد للهِ تعالى، والتفيّؤ من صفات الأجرام والذوات، والعَرض ليس
بذات، فليس بمخلوق للَه تعالى، وهذا كفْر، وإذا جعلنا يتفيأ صفة لشيء يكون المعنى أن كلَّ شيء موصوفٌ بالتفيؤ، فهو مخلوق للهِ، فأنكر عليهم عدمَ الاعتبار به حالَ سجوده، وقوله يتفيأ، أي يرجع إلى اليمين، أي يريد يمين الناظر إليه لأن الناظر إلى الظل أو النهار ينظر إلى جهةِ القبلة، حيث محلّ طلوع الشمس، فيكون الظلّ حينئذ عن يمينه، فلذلك بدأ باليمين، فالظلّ يرجع عن جهة اليمين إلى جهة الشمال، لأن " عن " تقتضي المجاوزة، فالمراد مجاوزَتُه جهةَ اليمين إلى جهة الشمال، والعكس.
فإن قلت: لم أفرد اليمين وجمع الشمال؟
فالجواب: بوجهين:
الأول أنَّ الظلّ حالة كونه عن يمين الناظر، وذلك أول النهار، يَأخذ في النقص، فكانت له جهة واحدة نقص عنها، وفي آخر النهار