كلفة، ولهذا ذُكر في الدنيا، نحو: (لأسْقَيْنَاهم ماء غَدَقا).
وقال الراغب: الإسقاء أبلغ من السقي، لأنَّ الإسقاء أنْ يجعل له ما يستقي منه، ويشرب.
والسقي أن يعطيه ما يشرب.
ومن ذلك عمل وفعل، فالأول لما كان مع امتداد زمان، نحو: (يَعْمَلُون له
ما يشَاء).
(مما عمِلَتْ أيدينا)، لأنَ خلق الأنعام والثمارِ والزروع بامتداد.
والثاني بخلافه، نحو: (كيف فعل رَبُّكَ بأصحاب الفيل).
(كيف فَعَلَ رَبُّكَ بعَاد).
(فَعَلْنَا بهم)، لأنها إهلاكات وقعت من غير بطء.
(ويَفْعَلُون ما يُؤْمَرون)، أي في طرفة عين.
ولهذا عبر بالأول في قوله: (وعَمِلوا الصالحاتِ)، حيثُ كان المقصود المثابرة عليها لا الإتيان بها مرة أو بسرعة.
وبالثاني في قوله: (وافْعَلُوا الْخَيرَ)، حيث كان بمعنى سارعوا، كما قال: (فاسْتَبِقوا الخيراتِ).
وقوله: (والذين هم للزكاة فاعِلون)، حيث كان القَصْد يأتون
بها على سرعة من غير توان.
ومن ذلك القعود والجلوس، فالأوّل لما فيه لبث، بخلاف الثاني، ولهذا يقال
قواعد البيت، ولا يقال جَوَالسه للزومها ولبثها، ويقال جليس الملك ولا يقال قَعيده، لأن مجالس الملوك يستحب فيها التخفيف، ولهذا استُعمل الأول في قوله: (مَقْعَدِ صِدْقٍ)، للإشارة إلى أنه لا زوَال له، بخلاف:
(تَفَسَّحُوا في المجالس)، لأنه يجلس فيه زماناً يسيراً.
ومن ذلك التمام والكمال، وقد اجتمعا في قوله: (أكْمَلْتُ لكم دِينَكم
وأتممْتُ عليكم نعْمتي)، فقيل الإتمام لإزالة نقصان الأصل، والإكمال لإزالة نُقْصان العوارض بعد تمام الأصل، ولهذا كان قوله تعالى:
(تلك عَشَرةٌ كامِلة)، أحسن من " تامة "، لأنَّ التمام من العدد
قد عُلم، وإنما نفى احتمال نَقْص في صفاتها.
وقيل: تَتمَ يشعر بحصول نقْص قبله،