الرد عليهم:
١- أما الحديث الذي استدلوا به فهو حديث منكر غريب لأنه من رواية محمد بن جعفر الزبيري، وهو مطعون فيه.
٢- وأما الدليل الثاني فلا بد أيضا على ندرة ما جاء عن النبي ﷺ في التفسير، إذ إن دعوة إمكان التفسير بالنسبة لآيات قلائل، وتعذره للكل غير مسلمة.
٣- لو سلمنا أن الدليل الثالث يدل على أن النبي ﷺ لم يفسر كل معاني القرآن، فلا نسلم أنه يدل على أنه فسر النادر منه كما هو المدعى.
التوفيق بين الرأيين
روى ابن جرير بسنده عن ابن عباس قال «١» :
التفسير على أربعة أوجه:
- وجه تعرفه العرب من كلامها.
- وتفسير لا يعذر أحد بجهالته.
- وتفسير يعلمه العلماء.
- وتفسير لا يعلمه إلا الله.
ولم يفسر الرسول ﷺ لأصحابه ما يرجع فهمه إلى معرفة كلام العرب لأن القرآن نزل بلغتهم، ولم يفسر لهم ما تتبادر الأفهام إلى معرفته وهو الذي لا يعذر أحد بجهله لأنه لا يخفى على أحد، ولم يفسر لهم ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة...
وإنما فسر لهم الرسول ﷺ بعض المغيبات التي أخفاها الله عنهم... وفسر لهم أيضا كثيرا مما يندرج تحت القسم الثالث وهو ما يعلمه العلماء ويرجع إلى اجتهادهم، كبيان المجمل، وتخصيص العام، وتوضيح المشكل، وما إلى ذلك مما خفي معناه، والتبس به المراد «٢».
٣- تفسير الصحابة للقرآن
إذا لم نجد في القرآن ولا في السنة والأحاديث عن النبي ﷺ رجعنا في ذلك إلى ما صح وثبت عن الصحابة.
ذلك: أنهم أدرى منا بالقرآن، فقد بين لهم الرسول معانيه، وأزال مشكله، وشرح مجمله. وهم أعلم بتفسيره منا لما شاهدوه من القرائن والأحوال التي أحاطت بنزول القرآن الكريم، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح، والعمل الصالح، والقلب المستضيء، والعقل الذكي، ولا سيما كبراءهم وعلماءهم كالخلفاء الأربعة، وابن مسعود، وأبيّ، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وأمثالهم.
(٢) التفسير والمفسرون ١/ ٥٥.