وبذلك يخالف المعتزلة المنكرين للرؤية محتجين بقوله تعالى: لَنْ تَرانِي [الأعراف/ ١٤٣].
وله ردود أخرى عليهم في كتابه «الاعتقاد».
وأمّا تشيعه فقد أراد الشيعة أن يجعلوه في صفهم ومن جماعتهم، نظرا لكثرة علمه، وسعة اطلاعه، واستدلوا على ذلك بكثرة نقوله عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وأئمة آل البيت.
وهذا ليس بحجة، إذ حبّ آل البيت جاءت به الأخبار الصحيحة، فإذا ما أحبّهم أحد ونقل كلامهم فلا يعني أنه شيعي، وكثير من العلماء استشهدوا بأقوال آل البيت كالزمخشري مثلا في «ربيع الأبرار»، والغزالي في «إحياء علوم الدين»، والفيروزآبادي في «بصائر ذوي التمييز»، وغيرهم، ولم يقل أحد إنّهم من الشيعة.
والذي يبطل مزاعمهم أيضا قول الراغب نفسه في رسالة الاعتقاد، لما ذكر أهل البدع قال:
وأعظمهم فرقتان: فرقة تدبّ في ضراء، وتسير حسوا في ارتضاء، تظهر موالاة أمير المؤمنين، وبها إضلال المؤمنين، يتوصلون بمدحه وإظهار محبته إلى ذمّ الصحابة وأزواج النبيّ رضي الله عنهم، وشهد التنزيل بذلك لهم، ويقولون: كلام الله رموز وألغاز لا ينبئ ظاهره عن حق، ومفهومه عن صدق، يجعل ذلك من الذرائع إلى إبطال الشرائع «١».
وقال أيضا في موضع آخر: والفرق المبتدعة الذين هم كالأصول للفرق الاثنين والسبعين سبعة: المشبّهة، ونفاة الصفات، والقدرية، والمرجئة، والخوارج، والمخلوقية، والمتشيعة.
فالمشبّهة ضلّت في ذات الله، ونفاة الصفات في أفعاله، والخوارج في الوعيد، والمرجئة في الإيمان، والمخلوقية في القرآن، والمتشيعة ضلّت في الإمامة.
والفرقة الناجية هم أهل السّنّة والجماعة الذين اقتدوا بالصحابة «٢».
كل هذا يبيّن لنا أنّ الراغب ليس من المعتزلة ولا من الشيعة، بل من أهل السنة والجماعة.
(٢) انظر: كتاب الاعتقاد ص ٥٤.