ثباتا في كبد السماء، ولهذا قالوا: قام قائم الظّهيرة، وسار النهار، وقيل: زَالَهُ يَزِيلُهُ «١» زَيْلًا، قال الشاعر:
٢١٧-
زَالَ زوالها
«٢» أي: أذهب الله حركتها، والزَّوَالُ: التّصرّف. وقيل:
هو نحو قولهم: أسكت الله نأمته «٣»، وقال الشاعر:
٢١٨-
إذا ما رأتنا زال منها زويلها
«٤» ومن قال: زال لا يتعدّى، قال: (زوالها) نصب على المصدر، وتَزَيَّلُوا
[الفتح/ ٢٥]، تفرّقوا، قال فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ
[يونس/ ٢٨]، وذلك على التّكثير فيمن قال: زلت متعدّ، نحو: مزته وميّزته، وقولهم: مَا زَالَ ولا يزال خصّا بالعبارة، وأجريا مجرى كان في رفع الاسم ونصب الخبر، وأصله من الياء، لقولهم:
زَيَّلْتُ، ومعناه معنى ما برحت، وعلى ذلك:
وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ [هود/ ١١٨]، وقوله:
لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ [التوبة/ ١١٠]، وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا [الرعد/ ٣١]، فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ [غافر/ ٣٤]، ولا يصحّ أن يقال: ما زال زيد إلّا منطلقا، كما يقال: ما كان زيد إلّا منطلقا، وذلك أنّ زَالَ يقتضي معنى النّفي، إذ هو ضدّ الثّبات، وما ولا: يقتضيان النّفي، والنّفيان إذا اجتمعا اقتضيا الإثبات، فصار قولهم: ما زَالَ يجري مجرى (كان) في كونه إثباتا فكما لا يقال: كان زيد إلا منطلقا لا يقال: ما زال زيد إلا منطلقا.
زين
الزِّينَةُ الحقيقيّة: ما لا يشين الإنسان في شيء من أحواله لا في الدنيا، ولا في الآخرة، فأمّا ما يزينه في حالة دون حالة فهو من وجه شين، والزِّينَةُ بالقول المجمل ثلاث: زينة نفسيّة كالعلم، والاعتقادات الحسنة، وزينة بدنيّة، كالقوّة وطول القامة، وزينة خارجيّة كالمال والجاه. فقوله:
حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ

(١) قال السرقسطي: وقد زال الشيء يزيله زيلا: إذا مازه منه. انظر: الأفعال ٣/ ٤٧٩.
(٢) البيت:
هذا النهار بدا لها من همّها ما بالها بالليل زال زوالها
وهو للأعشى في ديوانه ص ١٥٠، واللسان (زول).
قيل: معناه: زال الخيال زوالها.
(٣) أي: نغمته وصوته، انظر: اللسان (نأم)، والمنتخب لكراع النمل ١/ ٤٦.
(٤) هذا عجز بيت، وشطره:
وبيضاء لا تنحاش منّا وأمها
وهو لذي الرّمة في ديوانه ص ٦٣٧ من قصيدة مطلعها:
أخرقاء للبين استقلّت حمولها نعم غربة فالعين يجري مسيلها
ورواية الديوان «زيل» والبيت في المجمل ٢/ ٤٤٥.


الصفحة التالية
Icon