في انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو أدنى. ومنه: الشَّفَاعَةُ في القيامة. قال تعالى:
لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً
[مريم/ ٨٧]، لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ [طه/ ١٠٩]، لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً [النجم/ ٢٦]، وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى
[الأنبياء/ ٢٨]، فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ
[المدثر/ ٤٨]، أي: لا يشفع لهم، وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ [الزخرف/ ٨٦]، مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ
[غافر/ ١٨]، مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً
[النساء/ ٨٥]، وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً [النساء/ ٨٥]، أي: من انضمّ إلى غيره وعاونه، وصار شَفْعاً له، أو شَفِيعاً في فعل الخير والشّرّ، فعاونه وقوّاه، وشاركه في نفعه وضرّه.
وقيل: الشَّفَاعَةُ هاهنا: أن يشرع الإنسان للآخر طريق خير، أو طريق شرّ فيقتدي به، فصار كأنّه شفع له، وذلك كما قال عليه السلام: «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها، ومن سنّ سنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها» «١» أي: إثمها وإثم من عمل بها، وقوله: ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ
[يونس/ ٣]، أي:
يدبّر الأمر وحده لا ثاني له في فصل الأمر إلّا أن يأذن للمدبّرات، والمقسّمات من الملائكة فيفعلون ما يفعلونه بعد إذنه. واسْتَشْفَعْتُ بفلان على فلان فَتَشَفَّعَ لي، وشَفَّعَهُ: أجاب شفاعته، ومنه قوله عليه السلام: «القرآن شَافِعٌ مُشَفَّعٌ» «٢» والشُّفْعَةُ هو: طلب مبيع في شركته بما بيع به ليضمّه إلى ملكه، وهو من الشّفع، وقال عليه السلام: «إذا وقعت الحدود فلا شُفْعَةَ» «٣».
شفق
الشَّفَقُ: اختلاط ضوء النّهار بسواد اللّيل عند غروب الشمس. قال تعالى: فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ
[الانشقاق/ ١٦]، والْإِشْفَاقُ: عناية مختلطة بخوف، لأنّ الْمُشْفِقَ يحبّ المشفق عليه ويخاف ما يلحقه، قال تعالى:
أخرجه مسلم، وله قصة، باب الزكاة برقم (١٠١٧)، وأخرجه أحمد ٤/ ٣٦٢. [.....]
(٢) الحديث عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «القرآن شافع مشفّع، وماحل مصدّق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار». أخرجه ابن حبان. انظر: الترغيب والترهيب ٢/ ٢٠٧، وموارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ص ٤٤٣، وابن أبي شيبة ٦/ ١٣٠.
(٣) الحديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «الشفعة فيما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة». أخرجه ابن حبان والشيخان. انظر: موارد الظمآن ص ٢٨١، وفتح الباري ٤/ ٤٣٦، كتاب البيوع باب الشفعة، وأبو داود (٣٥١٤) البيوع، باب الشفعة.