يختصّ بما بعد هذا الكتاب «١». والظَّلِيمُ: ذَكَرُ النعامِ، وقيل: إنّما سمّي بذلك لاعتقادهم أنه مَظْلُومٌ، للمعنى الذي أشار إليه الشاعر:
٣٠٧-

فصرت كالهيق عدا يبتغي قرنا فلم يرجع بأذنين
«٢» والظَّلْمُ: ماء الأسنان. قال الخليل «٣» : لقيته أوّل ذي ظَلَمٍ، أو ذي ظَلَمَةٍ، أي: أوّل شيء سدّ بصرك، قال: ولا يشتقّ منه فعل، ولقيته أدنى ظَلَمٍ كذلك.
ظمأ
الظِّمْءُ: ما بين الشّربتين، والظَّمَأُ: العطش الذي يعرض من ذلك. يقال: ظَمِئَ يَظْمَأُ فهو ظَمْآَنُ. قال تعالى: لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى
[طه/ ١١٩]، وقال: يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً
[النور/ ٣٩].
ظن
الظَّنُّ: اسم لما يحصل عن أمارة، ومتى قويت أدّت إلى العلم، ومتى ضعفت جدّا لم يتجاوز حدّ التّوهّم، ومتى قوي أو تصوّر تصوّر القويّ استعمل معه (أنّ) المشدّدة، و (أن) المخفّفة منها. ومتى ضعف استعمل أن المختصّة بالمعدومين من القول والفعل «٤»، فقوله: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ
[البقرة/ ٤٦]، وكذا: يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ [البقرة/ ٢٤٩]، فمن اليقين، وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ
[القيامة/ ٢٨]، وقوله:
أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ
[المطففين/ ٤]، وهو نهاية في ذمّهم. ومعناه: ألا يكون منهم ظَنٌّ لذلك تنبيها أنّ أمارات البعث ظاهرة. وقوله: وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها [يونس/ ٢٤]، تنبيها أنهم صاروا في حكم العالمين لفرط طمعهم وأملهم، وقوله: وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ
[ص/ ٢٤]، أي: علم، والفتنة هاهنا. كقوله:
وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً [طه/ ٤٠]، وقوله: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ
[الأنبياء/ ٨٧]، فقد قيل: الأولى أن يكون من الظَّنِّ الذي هو التّوهّم، أي: ظَنَّ أن لن نضيّق عليه «٥». وقوله: وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ
[القصص/ ٣٩]، فإنّه استعمل فيه (أنّ) المستعمل مع الظَّنِّ الذي هو للعلم، تنبيها أنهم اعتقدوا ذلك اعتقادهم للشيء المتيقّن وإن لم
(١) يريد كتاب تحقيق الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد.
(٢) البيت لبشار بن برد، وقبله:
طالبتها ديني فراغت به وعلقت قلبي مع الدين
وهو في الأغاني ٣/ ٥١، وعيون الأخبار ٣/ ١٤١، وعمدة الحفاظ: ظلم.
(٣) انظر: العين ٨/ ١٦٢.
(٤) هذا النقل حرفيا في البصائر ٣/ ٥٤٥، وعمدة الحفاظ: ظنّ.
(٥) وهذا قول عطاء وسعيد بن جبير، وكثير من العلماء. انظر: تفسير القرطبي ١١/ ٣٣١.


الصفحة التالية
Icon