أن يصير الفعل الذي يتعاطاه سهلا عليه، ويصير كَلِفاً به ومحبّا له، وبهذا النّظر يستعمل التَّكْلِيفُ في تكلّف العبادات.
والثاني: مذموم، وهو ما يتحرّاه الإنسان مراءاة، وإياه عني بقوله تعالى: قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ
[ص/ ٨٦] وقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «أنا وأتقياء أمّتي برآء من التّكلّف» «١». وقوله: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها
[البقرة/ ٢٨٦] أي: ما يعدّونه مشقّة فهو سعة في المآل. نحو قوله: وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ [الحج/ ٧٨]، وقوله: فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً الآية [النساء/ ١٩].
كلم
الكلْمُ: التأثير المدرك بإحدى الحاسّتين، فَالْكَلَامُ: مدرك بحاسّة السّمع، والْكَلْمُ: بحاسّة البصر، وكَلَّمْتُهُ: جرحته جراحة بَانَ تأثيرُها، ولاجتماعهما في ذلك قال الشاعر:
٣٩٧-
والْكَلِمُ الأصيل كأرغب الْكَلْمِ
«٢» الْكَلمُ الأوّل جمع كَلِمَةٍ، والثاني جراحات، والأرغب: الأوسع، وقال آخر:
٣٩٨-
وجرح اللّسان كجرح اليد
«٣» فَالْكَلَامُ يقع على الألفاظ المنظومة، وعلى المعاني التي تحتها مجموعة، وعند النحويين يقع على الجزء منه، اسما كان، أو فعلا، أو أداة. وعند كثير من المتكلّمين لا يقع إلّا على الجملة المركّبة المفيدة، وهو أخصّ من القول، فإن القول يقع عندهم على المفردات، والكَلمةُ تقع عندهم على كلّ واحد من الأنواع الثّلاثة، وقد قيل بخلاف ذلك «٤». قال تعالى: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ
[الكهف/ ٥]، وقوله: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ
[البقرة/ ٣٧] قيل: هي قوله: رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا [الأعراف/ ٢٣]. وقال الحسن: هي قوله: «ألم
(٢) هذا عجز بيت لطرفة بن العبد من أبيات له يهدد المسيب بن علّس، والبيت بتمامه:
وهو في ديوانه ص ٨٧، والصناعتين ص ٤٣٩، والمعاني الكبير ٢/ ٨٢٣.بحسام سيفك أو لسانك وال كلم الأصيل كأرغب الكلم
(٣) هذا عجز بيت لامرئ القيس، وشطره:
ولو عن نثا جاءني غيره
وهو في ديوانه ص ٥٣، ومنثور الفوائد ص ٢٣، والخصائص ١/ ٧، والصناعتين ص ٤٣٩.
(٤) قال ابن هشام الأنصاري: تطلق الكلمة في الاصطلاح على القول المفرد، والقول هو اللفظ الدال على معنى.
انظر: شرح قطر الندى ص ١١.