الصّلوات والعبادات بها. ألا ترى إلى قوله:
لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ [الحج/ ٢٨]، لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة/ ١٩٨]، وقوله تعالى: لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ
[الأنبياء/ ٣] أي: ساهية مشتغلة بما لا يعنيها، واللَّهْوَةُ: ما يشغل به الرّحى ممّا يطرح فيه، وجمعها: لُهًا، وسمّيت العطيّة لُهْوَةً تشبيها بها، واللَّهَاةُ: اللّحمة المشرفة على الحلق، وقيل: بل هو أقصى الفم.
لات
اللَّاتُ والعزّى صنمان، وأصل اللّات اللاه، فحذفوا منه الهاء، وأدخلوا التاء فيه، وأنّثوه تنبيها على قصوره عن الله تعالى، وجعلوه مختصّا بما يتقرّب به إلى الله تعالى في زعمهم، وقوله تعالى: وَلاتَ حِينَ مَناصٍ
[ص/ ٣] قال الفرّاء «١» : تقديره: لا حين، والتاء زائدة فيه كما زيدت في ثمّت وربّت. وقال بعض البصريّين:
معناه ليس، وقال أبو بكر العلّاف «٢» : أصله ليس، فقلبت الياء ألفا وأبدل من السين تاء، كما قالوا: نات في ناس. وقال بعضهم: أصله لا، وزيد فيه تاء التأنيث تنبيها على الساعة أو المدّة «٣»، كأنه قيل: ليست الساعة أو المدّة حين مناص.
ليت
يقال: لَاتَهُ عن كذا يَلِيتُهُ: صرفه عنه، ونقصه حقّا له، لَيْتاً. قال تعالى: لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً
[الحجرات/ ١٤] أي: لا ينقصكم من أعمالكم، لات وأَلَاتَ بمعنى نقص، وأصله: ردّ اللَّيْتِ، أي: صفحة العنق.
ولَيْتَ: طمع وتمنٍّ. قال تعالى: لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا [الفرقان/ ٢٨]،
وهذا القول الذي نسبه للفراء هو قول أبي عبيد. انظر: غريب الحديث ٤/ ٢٥٠، واللسان: ليت.
(٢) هو الحسن بن علي، الضرير النهرواني، الشاعر المشهور، حدّث عن أبي عمر الدوري، ونصر الجهضمي، وروى عنه أبو حفص بن شاهين، وغيره، كان ينادم المعتضد بالله. توفي سنة ٣١٨ هـ. انظر: وفيات الأعيان ٢/ ١٠٧.
(٣) وفي ذلك يقول العلّامة محمد حامد الحسني الشنقيطي والد شيخنا رحمه الله:
وأصل لات عندهم «لا» النافية | وزيدت التاء بها، وهل هيه |
إذ ذاك تأنيث أو المبالغة | أو لهما معا، وليست سائغة |
وزيدها أحسن من زيادة | ما اتصلت بثمّت وربّت |
إذ زيدها في هذه حملا على | ليس، ومن ثمّ بها ما اتصلا |
إن عملت عمل «إنّ»، أو هيه | كلمتان، وهما «لا» النافية |
وتاء تأنيث، ولالتقاء | مع ساكن تحريكنا للتاء |