وقال مجاهد: ﴿أفلا تبصرون. أم﴾ انقطع الكلام، ثم قال ﴿أنا خير من هذا الذي هو مهين﴾. وكذلك قال عيسى بن عمر الثقفي. وقال نافع: ((أفلا تبصرون. أم)) تم. وقال يعقوب: ((أفلا تبصرون أم هذا الذي)) الكافي، والتمام من الوقف.
قال أبو عمرو: هذا المذهب يتحقق من وجهين: أحدهما أن تكون ((أم)) زائدة على ما رواه أبو زيد عن العرب. والثاني أن يكون ((أفلا تبصرون أم تبصرون)) ثم حذف الثاني لدلالة الأول عليه. وذهب الفراء إلى أن ((أم)) بمعنى ((بل)) كقول الله عز وجل في سورة السجدة ((أم يقولون افتراه)) أي: بل يقولون، وكقول العرب: إنها إبل أم شاءٌ، فعلى هذا يكون التمام على ((أفلا تبصرون)). لأن ((أم)) منقطعة مما قبلها.
(١٣٤) قال حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا يحيى في قوله ﴿وهذه الأنهار تجري من تحتي﴾. أي: في ملكي أفلا تبصرون قال: ثم استأنف الكلام فقال: أم أنا خير. أي: بل أنا خير من هذا. وبعض العرب يقول: أم أنا خير من هذا، بمعنى: بل أنا خير من هذا.
قال أبو عمرو: مذهب سيبويه أن ((أم)) سبيلها أن تسوي بين الأول والثاني، وعلى هذا لا يوقف على ((أفلا تبصرون)) ولا على ((أم)) لأن بعض الكلام متعلق ببعض، وذلك أنهم إذا قالوا لفرعون: أنت خير من موسى فهم عنده بصراء، لأن فرعون غره إمهال الله عز وجل إياه وإقامته على التجبر والسعة التي هو فيها، وما كان موسى فيه من الضعف فافتخر بذلك فقال: أفلا تبصرون ما أنا فيه من الملك والنعيم. أليس أنا خيراً من هذا الذي هو مهين ولا [يكاد] يبين كلامه. فكان عنده إنما صار إلى ما صار إليه لأنه خير من موسى، فدل هذا على ما قلناه.
﴿ولا يكاد يبين﴾ كاف. ومثله ﴿مقترنين﴾ ومثله ﴿فأطاعوه﴾ ﴿للآخرين﴾