أي: العقائد التي نشأت عليها، والمذاهب الفاسدة تسيطر على عقل العاقل، وتذهب لب اللبيب حتى يقيض له من الأسباب المباركة ما يبين له الحق، ويمن عليه باتباعه.
وكان له صرح من قوارير أجرى تحته الأنهار، فكان من ينظر إليه يظنه ماء يجري؛ لأن الزجاج شفاف، فلما قيل لها: ادخلي الصرح، فرأته لجة وكشفت عن ساقيها، قال: إنه صرح ممرد من قوارير، قالت:
﴿رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [النمل: ٤٤]
فأسلمت لله، واتبعها قومها، فيقال: إن سليمان تزوجها، فالله أعلم.
ولما كانت الشياطين زمن سليمان قد سخرهم الله له، وبلَّغه أنهم باجتماعهم بالإنس يعلمونهم السحر، فجمعهم وتوعدهم وأخذ كتبهم ودفنها، فلما توفي سليمان جاءت الشياطين للناس وقالوا: إن ملك سليمان مشيد على السحر، واستخرجوا الكتب التي دفنها، وأشاعوا من إغوائهم للناس أنها مأخوذة من سليمان، وأن سليمان ساحر، وروج ذلك طائفة من اليهود، فبرأ الله سليمان من هذا الأمر، وبين أن السحر من العلوم الضارة فقال تعالى:
﴿وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾ [البقرة: ١٠٢]
أي: بتعليم السحر والرضاء به.
﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾ [البقرة: ١٠٢]
وهذا من عظمة القرآن أنه يأمر الخلق بالإيمان بجميع الرسل، ويذكرهم بأوصافهم الجميلة وينزِّههم عما قاله الناس فيهم مما ينافي رسالتهم.
وكان الله قد ابتلى سليمان، وألقى على كرسيِّه جسدا، أي: شيطانا عتابا له