وغيره، وهذا من أعظم آثار بركة الله للعبد في علمه وعمله.
ومنها: أن العبرة للعبد في حال كمال النهاية، لا بنقص البداية، فإن أولاد يعقوب عليهم السلام جرى منهم ما جرى في أول الأمر من الجرائم المتنوعة، ثم انتهى أمرهم إلى التوبة النصوح، والاعتراف التام، والعفو التام عنهم من يوسف ومن أبيهم، والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، وإذا سمح العبد بحق فالله أولى بذلك وهو خير الراحمين الغافرين، ولهذا في أصح الأقوال إن الله جعلهم أنبياء لمحو ما سبق منهم، وكأنه ما كان، ولقوله:
﴿وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ﴾ [البقرة: ١٣٦]
وهم أولاد يعقوب الاثنا عشر وذريتهم، ومما يؤيد هذا أن في رؤيا يوسف أنهم هم الكواكب التي فيها النور والهداية، وهي من صفات الأنبياء، فإن لم يكونوا أنبياء فإنهم علماء عباد.
ومنها: ما منَّ الله به على يوسف من العلم والحلم، والأخلاق الكاملة، والدعوة إلى الله وإلى دينه، وعفوه عن إخوته الخاطئين عفوا بادرهم به، وتَمَّم ذلك بأن أخبرهم أنه لا يثرب عليهم بعد هذا العفو، ثم بره العظيم بأبيه وأمه وإحسانه على إخوته، وإحسانه على عموم الخلق، كما هو بيِّن في سيرته وقصته.
ومنها: أن بعض الشر أهون من بعض، وارتكاب أخف الضررين أولى من ارتكاب أعظمهما؛ فإن إخوة يوسف لما قالوا:
﴿اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا﴾ [يوسف: ٩]
وقال قائل منهم:


الصفحة التالية
Icon