جمع الله فيها الحقوق الثلاثة: الحق المختص بالله الذي لا يصلح لغيره، وهو العبادة في قوله: ﴿وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفتح: ٩] والحق المختص بالرسول، وهو التوقير والتعزير، والحق المشترك، وهو الإيمان بالله ورسوله.
* فائدة: ذكر الله اليقين في مواضع كثيرة من القرآن في المحل العالي من الثناء، أخبر أن اليقين هو غاية الرسل بقوله:
﴿وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ﴾ [الأنعام: ٧٥]
وأنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، وأن الآيات إنما ينتفع بها الانتفاع الكامل (الْمُوقِنِينَ)، فحقيقة اليقين هو العلم الثابت الراسخ التام المثمر للعمل القلبي والعمل البدني.
أما آثار اليقين العلمية فثلاث مراتب: علم اليقين، وهي العلوم الناتجة عن الأدلة والبراهين الصادقة الخبرية، كجميع علوم أهل اليقين الحاصلة عن خبر الله وخبر رسوله وأخبار الصادقين، وعين اليقين وهي مشاهدة المعلومات بالعين حقيقة، كما طلب الخليل إبراهيم من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى، فأراه الله ذلك بعينه، وغرضه عليه السلام الانتقال من مرتبة علم اليقين إلى عين اليقين، وحق اليقين: وهي المعلومات التي تحقَّق بالذوق، كذوق القلب لطعم الإيمان، والذوق باللسان للأشياء المحسة.
وأما آثاره القلبية فسكون القلب وطمأنينته، كما قال إبراهيم:
﴿وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠]
وقال صلى الله عليه وسلم: البر ما اطمأن إليه القلب، وفي لفظ: الصدق ما اطمأن إليه القلب، فإن العبد إذا وصل إلى درجة اليقين في علومه اطمأن قلبه لعقائد الإيمان كلها، واطمأن قلبه لحقائق الإيمان وأحواله التي تدور على محبة الله


الصفحة التالية
Icon