عن الله وعن ملائكته وعن الغيوب كلها، وأمور الشرع والقدر، وهي الأخبار المعصومة الصادقة التي يعلم كذب ما خالفها وبطلانه، ولنكتف بهذا الأنموذج من الأمثلة، والله أعلم.
وبعد هذا إخبار الصادقين عن المواضع والحوادث والوقائع التي شاهدوها، وهذا النوع بحسب صدق المخبرين، وتواتر خبرهم يفيد العلم القطعي، وكذلك إخبار الصادقين عن العلوم التي سمعوها، والألفاظ التي نقلوها، وأصدق الناقلين هنا حملة الشريعة المحمدية؛ لشدة عنايتهم، وكمال صدقهم، وقوة دينهم، وأنهم بالخصوص حفظوا عن الخطأ العمومي، والاتفاق على غير الصواب.
ومن الأمور التي تعلم بالعقل أن العقول الصحيحة التي لم تغير فطرتها، ولم تفسد بالعقائد الفاسدة، تعلم علما يقينا حسن التوحيد والإخلاص لله، كما تعلم قبح الشرك، وتعلم حسن الصدق والعدل والإحسان إلى المخلوقين، كما تعلم قبح ضده، وتعلم وجوب شكر المنعم، ووجوب بر الوالدين وصلة الأقارب، والقيام بحق من له حق عليك، وتستحسن كل صلاح وإصلاح، وتستقبح كل فساد وضرر، ومن أشرف ما يعلم بالعقل أنه مركوز في العقول أن الكمال المطلق لله وحده، وأن له الحكمة التامة في خلقه وشرعه، وأنه لا يليق به أن يترك خلقه سدى لا يؤمرون ولا ينهون، ولا يثابون ولا يعاقبون، ومن المعلوم بالحس ما يدرك بالحواس كسمع الأصوات وإبصار الأعيان وهو من أتم المعارف، فإنه ليس الخبر كالمعاينة، ومما يدرك بالحس ما يدرك بالشم كشم الروائح الطيبة والخبيثة، وما يدرك باللمس كالحرارة والبرودة، وما يدرك بتحليل الأشياء والوقوف على موادها وجواهرها وصفاتها، كل هذا من مدركات الحس، وبالجملة


الصفحة التالية
Icon