والفزع، انزعج لهذا أهل السماوات والأرض وصعقوا إلا من شاء الله من خلقه، ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى﴾ [الزمر: ٦٨] نفخة البعث، ﴿فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ﴾ [الزمر: ٦٨] من أجداثهم كاملي الخلقة، ينظرون ما يستقبلهم من هذه الحياة الأخروية التي يجازى فيها العباد بأعمالهم، حسنها وسيئها.
أما المؤمنون الطائعون فيقومون مطمئنين طامعين في فضل ربهم ورحمته، مستبشرين بثوابه وعفوه ومغفرته، يحشرون إلى موقف القيامة وفدا مكرمين، وأما المجرمون فيقومون فزعين خائفين متحسرين، يدعون بالويل والثبور، يقولون: يا ويلنا، من بعثنا من مرقدنا؟ فيساقون إلى جهنم وردا.
فحينئذ تكثر القلاقل والأهوال، ويشيب الولدان من هول ذلك اليوم وفظاعته: ﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ [الحج: ٢]
﴿يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ - وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ - وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ - لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ - وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ - ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ - وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ - تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ - أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ﴾ [عبس: ٣٤ - ٤٢]
﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا - الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾ [الفرقان: ٢٥ - ٢٦]
وتكور الشمس والقمر، وتنثر النجوم، فتذهب هذه الأنوار المشاهدة، وتشرق الأرض بنور ربها، وينزل الله لفصل القضاء بين عباده، ومحاسبتهم على أعمالهم.
أما المؤمنون: فيحاسبهم حسابا يسيرا يقرهم بذنوبهم، ثم يغفرها ويسترها


الصفحة التالية
Icon