على وجه الكمال إلا بالإيمان، فإن المؤمن تحمله عبودية الله، وطلب التقرب إلى الله، ورجاء ثوابه، والخشية من عقابه على القيام بالواجبات التي لله، والتي لعباد الله.
ومنها: أن المعاملات بين الخلق لا تتم وتقوم إلا على الصدق والنصح وعدم الغش بوجه من الوجوه، وهل يقوم بها على الحقيقة إلا المؤمنون؟
ومنها: أن الإيمان أكبر عون على تحمل المشقات، والقيام بأعباء الطاعات، وترك الفواحش التي في النفوس داع قوي إلى فعلها، فلا تتم هذه الأمور إلا بقوة الإيمان.
ومنها: أن العبد لا بد أن يصاب بشيء من الخوف والجوع، ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وهو بين أمرين: إما أن يجزع ويضعف صبره، فيفوته الخير والثواب، ويستحق على ذلك العقاب، ومصيبته لم تقلع ولم تخف، بل الجزع يزيدها. وإما أن يصبر فيحظى بثوابها، والصبر لا يقوم إلا على الإيمان؛ وأما الصبر الذي لا يقوم على الإيمان كالتجلد ونحوه فما أقل فائدته، وما أسرع ما يعقبه الجزع، فالمؤمنون أعظم الناس صبرا ويقينا وثباتا في مواضع الشدة.
ومنها: أن الإيمان يوجب للعبد قوة التوكل على الله، لعلمه وإيمانه أن الأمور كلها راجعة إلى الله ومندرجة في قضائه وقدره، وأن من اعتمد عليه كفاه، ومن توكل على الله فقد توكل على القوي العزيز القهار، ومع أنه يوجب قوة التوكل فإنه يوجب السعي والجد في كل سبب نافع، لأن الأسباب النافعة نوعان: دينية ودنيوية، فالأسباب الدينية: هي إيمان، وهي من لوازم الإيمان.
والأسباب الدنيوية قسمان:


الصفحة التالية
Icon