كل شيء، مع أن جميع الواصفين لوضوئه ﷺ ذكروه مرتبا.
ومنها: أن الموالاة شرط أيضا، ووجه ذلك أن الله تعالى ذكر الوضوء مقترنا بعض الأعضاء ببعض بالواو الدالة على اجتماع هذه العبادة بوقت واحد، فإذا فرقها في وقتين لم تكن عبادة واحدة كما لو فرق الصلاة، وبفعل النبي ﷺ الدائم الذي كأنك تشاهده أنه كان يوالي بين أعضاء وضوئه، وهذا أولى من استدلال كثير من أهل العلم بقصة صاحب اللمعة الذي أمره النبي ﷺ أن يعيد الوضوء كله، فهو وإن كان فيه بعض الدلالة على هذه المسألة، لكن يحتمل أن أمره بالإعادة كأمر المسيء في صلاته أن يعيد، لأنه رآه مخلا بوضوئه غير متمم له.
ومنها: بيان الطهارة الكبرى، كيفيتها وذكر سببها، فكيفيتها: أن يطهر العبد جميع ظاهر بدنه بالماء؛ لقوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦] فلم يخصه بعضو أو بأعضاء معينة، بل جعل الله التطهير لجميع البدن، فعلى المتطهر أن يعمم التطهير لجميع ظاهر بدنه وما تحت الشعور، خفيفة أو كثيفة، وأن يكون ذلك غسلا لا مسحا.
ومنها: أن طهارة الحدث الأكبر لا ترتيب فيها ولا موالاة.
ومنها: أن من أسبابها الجنابة، والجنابة قد عرفها المسلمون عن نبيهم ﷺ أنها: إنزال المني يقظة أو مناما - وإن لم يكن جماع -، أو الجماع - وإن لم يحصل إنزال -، أو وجود الأمرين كليهما.
وقد بين الله أيضا في سورة البقرة سببا آخر للاغتسال وهو الحيض في قوله: ﴿وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٢٢] فأضاف التطهير فيها إلى البدن كله كالجنابة، ويشمل ذلك النفاس، وأما التطهير من إسلام الكافر وتطهير الميت فإنه يؤخذ من السنة.