[٥٦] ﴿هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ﴾ [يس: ٥٦] أي حلائلهم، ﴿فِي ظِلَالٍ﴾ [يس: ٥٦] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ ظُلَلٍ بِضَمِّ الظَّاءِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ، جَمْعُ ظُلَّةٍ، وَقَرَأَ الْعَامَّةُ (فِي ظِلَالٍ) بِالْأَلِفِ وَكَسْرِ الظَّاءِ عَلَى جَمْعِ ظل، ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ [يس: ٥٦] يَعْنِي السُّرَرَ فِي الْحِجَالِ وَاحِدَتُهَا أَرِيكَةٌ. قَالَ ثَعْلَبٌ: لَا تَكُونُ أَرِيكَةً حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهَا حَجْلَةٌ. ﴿مُتَّكِئُونَ﴾ [يس: ٥٦] ذَوُو اتِّكَاءٍ.
[٥٧] ﴿لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ﴾ [يس: ٥٧] يَتَمَنَّوْنَ وَيَشْتَهُونَ.
[٥٨] ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس: ٥٨] أَيْ يَقُولُ اللَّهُ لَهُمْ قَوْلًا، وقيل: يسلم عَلَيْهِمْ فِي دِيَارِهِمْ. وَقِيلَ: تُسَلِّمُ عليهم الملائكة من ربهم. وقال مُقَاتِلٌ: تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ كُلِّ بَابٍ يَقُولُونَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ مِنْ رَبِّكُمُ الرَّحِيمِ. وَقِيلَ: يُعْطِيهُمُ السَّلَامَةَ يَقُولُ: اسْلَمُوا السَّلَامَةَ الْأَبَدِيَّةَ.
[٥٩] ﴿وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ﴾ [يس: ٥٩] قال مقاتل: اعتزلوا اليوم الصَّالِحِينَ. قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: تَمَيَّزُوا. وَقَالَ الْسُّدِّيُّ: كُونُوا عَلَى حِدَةٍ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: انْفَرَدُوا عَنِ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّ لِكُلِّ كَافِرٍ فِي النَّارِ بَيْتًا يُدْخَلُ ذَلِكَ الْبَيْتَ وَيُرْدَمُ بَابُهُ بِالنَّارِ فَيَكُونُ فِيهِ أَبَدَ الْآبِدِينَ، لَا يَرَى وَلَا يُرَى.
[٦٠] ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ﴾ [يس: ٦٠] أَلَمْ آمُرْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ، ﴿أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ﴾ [يس: ٦٠] أَيْ لَا تُطِيعُوا الشَّيْطَانَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، ﴿إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [يس: ٦٠] ظاهر العداوة.
[٦١] ﴿وَأَنِ اعْبُدُونِي﴾ [يس: ٦١] أَطِيعُونِي وَوَحِّدُونِي، ﴿هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ﴾ [يس: ٦١]
[٦٢] ﴿وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا﴾ [يس: ٦٢] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَعَاصِمٌ (جِبِلًّا) معناها: الْخَلْقُ وَالْجَمَاعَةُ أَيْ خَلْقًا كَثِيرًا ﴿أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾ [يس: ٦٢] مَا أَتَاكُمْ مِنْ هَلَاكِ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ بِطَاعَةِ إِبْلِيسَ، وَيُقَالُ لَهُمْ لَمَّا دَنَوْا مِنَ النَّارِ.
[٦٣] ﴿هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ﴾ [يس: ٦٣] بها في الدنيا.
[٦٤] ﴿اصْلَوْهَا﴾ [يس: ٦٤] ادْخُلُوهَا ﴿الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ﴾ [يس: ٦٤]
[٦٥] ﴿الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ [يس: ٦٥] هَذَا حِينَ يُنْكِرُ الْكُفَّارُ كُفْرَهُمْ وتكذيبهم الرسل بقولهم ﴿مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾ [الأنعام: ٢٣] فَيَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتَشْهَدُ عَلَيْهِمْ جوارحهم.
[٦٦] ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ﴾ [يس: ٦٦] أَيْ أَذْهَبْنَا أَعْيُنَهُمُ الظَّاهِرَةَ بِحَيْثُ لَا يَبْدُو لَهَا جَفْنٌ وَلَا شِقٌّ، وَهُوَ مَعْنَى الطَّمْسِ كَمَا قال الله: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٠] يَقُولُ: كَمَا أَعْمَيْنَا قُلُوبَهُمْ لَوْ شِئْنَا أَعْمَيْنَا أَبْصَارَهُمُ الظاهرة، ﴿فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ﴾ [يس: ٦٦] فَتَبَادَرُوا إِلَى الطَّرِيقِ، ﴿فَأَنَّى يُبْصِرُونَ﴾ [يس: ٦٦]


الصفحة التالية
Icon