[٤] ﴿تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ﴾ [المعارج: ٤] يَعْنِي جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، ﴿إِلَيْهِ﴾ [المعارج: ٤] أَيْ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -، ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] من سني الدنيا. قال عِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ أَيْضًا: هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَأَرَادَ أَنَّ مَوْقِفَهُمْ لِلْحِسَابِ حَتَّى يُفْصَلُ بَيْنَ النَّاسِ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ مِنْ سِنِي الدُّنْيَا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَوْ وَلِيَ مُحَاسَبَةَ الْعِبَادِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ غَيْرُ الله لم يفرغ منه في خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ومقاتل.
[٥] ﴿فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا﴾ [المعارج: ٥] يَا مُحَمَّدُ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ، وَهَذَا قَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالْقِتَالِ.
[٦، ٧] ﴿إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا﴾ [المعارج: ٦] يعني العذاب، ﴿وَنَرَاهُ قَرِيبًا﴾ [المعارج: ٧] لِأَنَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ وهو يوم القيامة.
[٨] ﴿يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ﴾ [المعارج: ٨] كَعَكِرِ الزَّيْتِ. وَقَالَ الْحَسَنُ. كَالْفِضَّةِ إِذَا أُذِيبَتْ.
[٩] ﴿وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ﴾ [المعارج: ٩] كَالصُّوفِ الْمَصْبُوغِ. وَلَا يُقَالُ عِهْنٌ إِلَّا لِلْمَصْبُوغِ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَالصُّوفِ المنفوش.
[١٠] ﴿وَلَا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا﴾ [المعارج: ١٠] قَرَأَ الْبَزِّيُّ عَنْ ابْنِ كَثِيرٍ (لَا يُسْأَلُ) بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ لَا يُسْأَلُ حَمِيمٌ عَنْ حَمِيمٍ، أَيْ لَا يُقَالُ لَهُ: أَيْنَ حَمِيمُكَ؟ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِفَتْحِ الْيَاءِ، أَيْ لَا يَسْأَلُ قَرِيبٌ قَرِيبًا لشغله بشأن نفسه.
[قوله تعالى يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ] عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ...
[١١] ﴿يُبَصَّرُونَهُمْ﴾ [المعارج: ١١] يَرَوْنَهُمْ وَلَيْسَ فِي الْقِيَامَةِ مَخْلُوقٌ إِلَّا وَهُوَ نُصْبُ عَيْنِ صَاحِبِهِ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فَيُبْصِرُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأَخَاهُ وَقَرَابَتَهُ فَلَا يَسْأَلُهُ، وَيُبَصَّرُ حَمِيمَهُ فَلَا يُكَلِّمُهُ لِاشْتِغَالِهِ بِنَفْسِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَتَعَارَفُونَ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ ثُمَّ لَا يَتَعَارَفُونَ بَعْدَهُ. وَقِيلَ: يُبَصَّرُونَهُمْ يُعَرَّفُونَهُمْ أَيْ يُعَرَّفُ الْحَمِيمُ حَمِيمَهُ حَتَّى يَعْرِفَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَسْأَلُهُ عن شأنه لشغله بنفسه.
﴿يَوَدُّ الْمُجْرِمُ﴾ [المعارج: ١١] يَتَمَنَّى الْمُشْرِكُ، ﴿لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ﴾ [المعارج: ١١]
[١٢ - ١٣] ﴿وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ - وَفَصِيلَتِهِ﴾ [المعارج: ١٢ - ١٣] عَشِيرَتِهِ الَّتِي فَصَلَ مِنْهُمْ. وَقَالَ مجاهد: قبيلته. وقال غيره: أقربائه الأقربين. ﴿الَّتِي تُؤْوِيهِ﴾ [المعارج: ١٣] أي تَضُمُّهُ وَيَأْوِي إِلَيْهَا.
[١٤] ﴿وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ﴾ [المعارج: ١٤] يود لو يفتدي بهم جميعا، ﴿ثُمَّ يُنْجِيهِ﴾ [المعارج: ١٤] ذلك الفداء من عذاب الله.
[١٥] ﴿كَلَّا﴾ [المعارج: ١٥] لَا يُنْجِيهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْءٌ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: ﴿إِنَّهَا لَظَى﴾ [المعارج: ١٥] وَهِيَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ جَهَنَّمَ. وقيل: هِيَ الدِّرَكَةُ الثَّانِيَةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَتَلَظَّى أَيْ تَتَلَهَّبُ.
[١٦] ﴿نَزَّاعَةً لِلشَّوَى﴾ [المعارج: ١٦] وهي الأطراف: اليدان، والرجلان، والأطراف. وقال مُجَاهِدٌ: لِجُلُودِ الرَّأْسِ. وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ بن المهاجر عنه: اللَّحْمَ


الصفحة التالية
Icon