مجاهد: "عرضت المصحف على ابن عباس، من أوله إلى آخره، أقفه عند كل آية وأسأله عنها"١. وقد تواترت النقول عنه أنه تكلم في جميع معاني القرآن، ولم يقل عن آية: إنها من المتشابه الذي لا يعلم أحد تأويله إلا الله. وقول الأصحاب - رحمهم الله - في الأصول: إن المتشابه الحروف المقطَّعة في أوائل السور٢، ويُروى هذا عن ابن عباس٣. مع أن هذه الحروف قد تكلم في معناها أكثر الناس٤، فإن كان معناها معروفاً، فقد عُرف معنى المتشابه، وإن لم يكن معروفاً، وهي المتشابه، كان ما سواها معلوم المعنى، وهذا المطلوب.
وأيضاً فإن الله قال: ﴿مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾ وهذه الحروف ليست آيات عند جمهور العادين٥.
قال تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ
٢ انظر أُصول السرخسي (١/١٦٩).
٣ ذكره عنه البغوي في معالم التنزيل (١/٢٧٨)، وأسانيد البغوي إلى ابن عباس منها ما يحتج به ومنها ما لا يحتج به، وأورده أيضاً ابن الجوزي في زاد المسير (١/٣٥٠).
٤ انظر الأية رقم (١) من سورة البقرة في هذا البحث تجد المراجع في الحاشية عند تفسير تلك الآية.
٥ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٢٥٤، ٢٥٥) وانظر المحرر الوجيز في عد آي الكتاب العزيز، ص (٦٧) وما بعدها تجد فيه ما قال المؤلف في مسألة العدد.