صاروا إليه إلاَّ بعد أن ظهر لهم بطلانه١.
[قوله تعالى:] ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ﴾ ٢ فأهانهم بترك تكليمهم، والمراد: أنه لا يكلمهم تكليم تكريم، هو٣ الصحيح٤؛ إذ قد أخبر في الآية الآخرى أنه يقول لهم في النار ﴿قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ﴾ ٥ فلو كان لا يكلم عباده المؤمنين، لكانوا في ذلك هم وأعداؤه سواء، ولم يكن في تخصيص أعدائه بأنه لا يكلمهم فائدة أصلاً٦.
... وإنما تكون (من) للتبعيض إذا صلح في موضعها (بعض) كما في قوله تعالى: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ ٧ فإنه يصح في موضعها بعض،

١ التنبيه على مشكلات الهداية، ص (٢٢١، ٢٢٢) تحقيق أنور. وانظر تفسير القرآن لعبد الرزاق الصنعاني (١/ ١٢٣)، وجامع البيان (٦/ ٥٠٧)، وتفسير ابن أبي حاتم (٢/ ٣٣٩، ٣٤٠) تحقيق د. حكمت. تجد في هذه المؤلفات ما ذكره المؤلف هنا.
٢ سورة آل عمران، الآية: ٧٧.
٣ هكذا في النسخة المحققة التي بين يدي، ولعل الصواب: "وهو الصحيح" وقد أثبت الشيخ أحمد شاكر الواو بين قوسين. انظر تحقيقه لشرح العقيدة الطحاوية، ص (١١٥).
٤ بهذا القول فسر الإمام الطبري الآية. انظر جامع البيان (٦/٥٢٨)، وكذلك الواحدي في الوسيط (١/٤٥٣)، وابن كثير في تفسيره (١/٣٧٦)، والبغوي في معالم التنزيل (١/٣١٩) قدمه في الذكر وحكى معه قولاً آخر بلفظ قيل. وهذا القول كما ترى من القوة بمكان. وهناك أقوال أُخر في معنى الآية: انظرها إن شئت في: بحر العلوم (١/٢٧٩)، والتفسير الكبير (٨/٩٣)، ومحاسن التأويل (٢/٧٨).
٥ سورة المؤمنون، الآية: ١٠٨.
٦ شرح العقيدة الطحاوية، ص (١٧٨).
٧ سورة آل عمران، الآية: ٩٢.


الصفحة التالية
Icon