وروى الإمام أحمد أيضاً عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة: أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء، أكنت مفتدياً به؟ قال: فيقول: نعم، قال: فيقول: قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئاً فأبيت إلا أن تشرك بي". وأخرجاه في الصحيحين أيضاً١.
وفي ذلك أحاديث أُخر أيضاً كلها دالَّةٌ على أن الله استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل النار وأهل الجنة٢...
وأما الإشهاد عليهم هناك، فإنما هو في حديثين موقوفين على ابن عباس وابن عمرو رضي الله عنهم. ومن ثَمَّ قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد، كما تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله عنه٣.
ومعنى قوله "شهدنا": أي قالوا: بلى شهدنا أنك ربنا. وهذا قول ابن عباس٤ وأبي بن كعب٥. وقال ابن عباس أيضاً: أشهد بعضهم على بعض٦.

١ أخرجه الإمام أحمد في المسند (٣/١٢٧)، والبخاري في صحيحه مع الفتح برقم (٣٣٣٤)، ومسلم في صحيحه برقم (٢٨٠٥).
٢ قول المؤلف: "وفي ذلك... الخ" نحوه قال ابن كثير في تفسيره (٢/٢٦٥).
٣ قول المؤلف: (وأما الإشهاد عليهم... الخ" هو كلام شيخه ابن كثير في تفسيره (٢/٢٦٥).
٤ أخرجه ابن جرير في جامع البيان برقم (١٥٣٤٠) وقال محمود شاكر: بإسناد صحيح.
٥ أخرجه ابن جرير في جامع البيان برقم (١٥٣٦٣) وقال محمود شاكر: إسناده صحيح.
٦ أخرجه ابن جرير في جامع البيان برقم (١٥٣٣٩) ضمن أثر عن ابن عباس وفيه "وأشهدهم على أنفسهم". وقال محمود شاكر: إسناده صحيح.


الصفحة التالية
Icon