ومنهم من لم يذكره، بل ذكر أنه نصب لهم الأدلة على ربوبيته ووحدانيته وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التي ركبها الله فيهم، كالزمخشري١ وغيره.
ومنهم من ذكر القولين، كالواحدي والرازي والقرطبي٢ وغيرهم، لكن نسب الرازي القول الأول إلى أهل السنة، والثاني إلى المعتزلة٣. ولا ريب أن الآية لا تدل على القول الأول أعني أن الأخذ كان من ظهر آدم وإنما فيها أن الأخذ من ظهور بني آدم٤، وإنما ذكر الأخذ من ظهر آدم والإشهاد عليهم هناك في بعض الأحاديث، وفي بعضها الأخذ والقضاء بأن بعضهم إلى الجنة، وبعضهم إلى النار، كما في حديث عمر رضي الله عنه، وفي بعضها الأخذ وإراءة آدم إيّاهم من غير قضاء ولا إشهاد، كما في حديث أبي هريرة. والذي فيه الإشهاد على الصفة التي قالها أهل القول الأول موقوف على ابن عباس وابن عمرو٥،

١ انظر الكشاف (٢/١٢٩). وانظر أيضاً أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي (١/٣٧٦)، ومدارك التنزيل للنسفي (٢/٨٥)، وإرشاد العقل السليم لأبي السعود (٣/٢٩٠) فإن هؤلاء لم يذكروا إلا هذا القول.
٢ انظر الوسيط (٢/٤٢٤-٤٢٦)، والتفسير الكبير (١٥/٣٩، ٤١)، والجامع لأحكام القرآن (٧/٣١٤)، وممن ذكر القولين أيضاً السمرقندي في تفسير القرآن (١/٥٧٩، ٥٨٠)، وابن عطية في المحرر الوجيز (٧/١٩٨، ٢٠٠).
٣ انظر التفسير الكبير (١٥/٣٩، ٤١) فقد نسب الأول للمفسرين وأهل الأثر، والثاني لأصحاب النظر وأرباب المعقولات. وهو معنى ما نسب إليه المؤلف.
٤ انظر التوفيق بين الآية والحديث في التفسير الكبير (١٥/٤٣)، ولباب التأويل (٢/٣١٠).
٥ أما حديث ابن عباس فقد تقدم الكلام عليه، وأنه قد ثبت مرفوعاً. وأما حديث عبد الله ابن عمرو فأخرجه ابن جرير في تفسيره برقم (١٥٣٥٤) ورقم (١٥٣٥٥) ورقم (١٥٣٥٦) الأول منها مرفوعاً، والآخران موقوفان. وتكلم ابن جرير عليه وكذلك ابن كثير بما يفيد عدم صحة رفعه. انظر جامع البيان (١٣/٢٥٠) وتفسير القرآن العظيم (٢/٢٦٣).


الصفحة التالية
Icon