التاسع: أنه سبحانه أشهد كل واحد على نفسه أنه ربه وخالقه، واحتج عليه بهذا الإشهاد في غير موضع من كتابه، كقوله: ﴿ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله﴾ ١، فهذه هي الحجة التي أشهدهم على أنفسهم بمضمونها، وذكرتهم بها رسله، بقولهم: ﴿أفي الله شك فاطر السماوات والأرض﴾ ٢.
العاشر: أنه جعل هذا آية، وهي الدلالة الواضحة البينة المستلزمة لمدلولها، بحيث لا يتخلف عنها المدلول، وهذا شأن آيات الرب تعالى، فإنها أدلة معينة على مطلوب معين، مستلزمة للعلم به فقال تعالى: ﴿وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون﴾ ٣، وإنما ذلك بالفطرة التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله، فما من مولود إلا يُولد على الفطرة، لا يولد مولود على غير هذه الفطرة، هذا أمر مفروغ منه، لا يتبدل ولا يتغير. وقد تقدمت الإشارة إلى هذا. والله أعلم.
وقد تفطن لهذا ابن عطية٤ وغيره، ولكن هابوا مخالفة ظاهر تلك الأحاديث التي فيها التصريح بأن الله أخرجهم وأشهدهم على أنفسهم ثم أعادهم. وكذلك حكى القولين الشيخ أبو منصور الماتريدي في شرح التأويلات، ورجح القول الثاني، وتكلم عليه ومال إليه٥.
٢ سورة إبراهيم، الآية: ١٠.
٣ سورة الأعراف، الآية ١٧٤.
٤ انظر المحرر الوجيز (٧/١٩٨، ٢٠٠).
٥ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٣٠٢-٣١٤) ولم أستطع الوقوف إلا على أوّل الكتاب المذكور، الذي ليس فيه سورة الأعراف. وما قاله المؤلف من تضعيف للقول الذي فسر به أهل الأثر الآية الكريمة تابع فيه هو وشيخه ابن كثير الإمام ابن القيم وتأثرا بما قال في كتابه الروح، ص (١٦١-١٦٨) فإن ابن القيم على غير عادته رام فيه تضعيف القول الذي فسر به رسول الله ﷺ الآية، وذكر عليه هذه الاعتراضات العشرة، وتناول بعض =