[قوله تعالى:] ﴿وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ﴾ ١ الآيتين... أخبر سبحانه أنه كره انبعاثهم إلى الغزو مع رسوله وهو طاعة فلما كرهه منهم، ثبطهم عنه٢، ثم ذكر سبحانه بعض المفاسد التي كانت تترتب على خروجهم مع رسوله، فقال: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً﴾ أي: فساداً وشراً٣ ﴿وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ﴾ أي: سعوا بينكم بالفساد والشر٤ ﴿يبغونكم الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ أي: قابلون منهم، مستجيبون لهم٥، فيتولد من سعي هؤلاء، وقبول هؤلاء من الشر ما هو أعظم

١ تمام الآيتين ﴿... فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾. سورة التوبة، الآية: ٤٦، ٤٧.
٢ قال الزجاج: التثبيط ردُّك الإنسان عن الشيء يفعله، أي كره الله أن يخرجوا معكم فردهم عن الخروج. معاني القرآن وإعرابه (٢/٤٥٠).
٣ انظر جامع البيان (١٤/٢٧٨)، وتفسير غريب القرآن للسجستاني، ص (٦٦)، ومجاز القرآن (١/٢٦١)، ومعالم التنزيل (٢/٢٩٨).
٤ أصل الإيضاع في اللغة سرعة السير، وفسره المؤلف بالسعي؛ لأنه قريب منه. انظر معنى الإيضاع في غريب القرآن وتفسيره لليزيدي، ص (١٦٤)، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة، ص (١٨٧)، والعمدة في غريب القرآن، ص (١٤٨).
٥ تفسير (سماعون لهم) بما ذكر المؤلف أسنده ابن جرير في جامع البيان (١٤/٢٨١) عن قتادة، ومحمد بن إسحاق. ورجحه ابن القيم على قول من قال: إن المقصود ب (سماعون) جواسيس؛ لأن أهل النفاق موجودون بين المسلمين لا يحتاجون إلى من يتجسس لهم. انظر بدائع التفسير (٢/٣٥٥).


الصفحة التالية
Icon