(وعلامات وبالنجم هم يهتدون) (١٦)
المفردات:
- علامات: جمع علامة، وهي ما يستدل به السائر من جبل أو سهل أو غيرهما.
المعنى الإجمالي:
بعد أن بينت الآية السابقة نعمة الله سبحانه بجعل السبل لهدايتنا إلى مقاصدنا، ذكرت هذه الآية نعمة العلامات المميزة في الأرض حيث لم يجعل الله سبحانه الأرض جميعها بنفس المعالم؛ وذلك حتى يستطيع السائر أن يهتدي إلى مقصده.
وبعد بيان أن السبل والعلامات من الأمور الهادية للسائر إلى مقاصده نهارا، بينت الآية نعمة الاهتداء ليلا بنجوم السماء.
المعنى التفصيلي:
- (وعلامات) معطوف على الأنهار والسبل، والمعنى على ذلك: وجعل علامات.
- جاءت (علامات) نكرة في سياق الإثبات، ومعنى الإثبات هو عدم النفي، والنكرة في سياق الإثبات تدل على الإطلاق؛ لأن لكل أهل طريق علامات خاصة يعرفونها، فللمسافر في البر علامات خاصة، وللمسافر في البحر علامات خاصة أيضا، فالعلامات متعددة، ولذا نكرت (علامات) لتدل على الإطلاق.
- إن مفهوم النجوم عند العرب غير مفهوم النجوم في العصر الحديث، فالنجوم عند العرب هي الكواكب الطالعة التي يظهر لمعانها كما في كتب اللغة.
ولكن النجوم في العصر الحديث ليست الكواكب التي يظهر لمعانها؛ لأن الكوكب عند المعاصرين جرم سماوي لا يصدر الضوء وإنما يعكسه، والنجم هو ما يصدر الضوء بذاته لا بالانعكاس.
والعرب لم يفرقوا بينهما، ولذا قال تعالى (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب) (الصافات: ٦) والمقصود بالكواكب هي الأجرام السماوية المضيئة بذاتها أو بغيرها، وليست كما في الاصطلاح الحديث. فاقتضى التنبيه، لئلا يفسر القرآن على اصطلاح المعاصرين، بل لا بد من تفسيره على اصطلاح من أنزل عليهم القرآن.
- النجم هو جنس النجوم، وليس نجما واحدا، كما تقول: فلان يملك الدينار والدرهم، أي جنس الدينار وجنس الدرهم.
- قدم الجار والمجرور (بالنجم) في (وبالنجم هم يهتدون) للدلالة على اختصاص النجم بالاهتداء ليلا عند العرب.
- أتي بالضمير " هم " في (وبالنجم هم يهتدون) لتخصيص العرب بالذكر في شأن الاهتداء بالنجوم، كأن الاهتداء بالنجوم ليلا خاص بهم، وهذا مناسب للامتنان على العرب بنعمة الاهتداء بالنجم؛ لأنها مصدر الاهتداء الأهم ليلا عندهم، وهذه الأهمية يعرفها العرب، فهم أولى بأن يشعروا بهذه النعمة من غيرهم.
- (يهتدون) أي إلى سبلهم ومقاصدهم وغاياتهم.


الصفحة التالية
Icon