- ى -
منقولة من خطّ الشيخ رحمه الله، وعليها حواشيه بخَطّه، ولم تخلُ من بعض العيوب، أشرت إليها فى تعليقى على الكتاب.
• النسخة المخطوطة الثانية " س"، وهى من مكتبة أسعد أفندى ٣٠٠٤، بتركية، وليسَ فيها اسم ناسخها ولا تاريخ كتابتها، والأرجح أنها من خطوط القرن السادس أيضاً أو القرن السابع. وهى نسخة نفيسة دقيقة مضبوطة ضبطاً كاملاً، مع بعض العيوب التى تتخللها، والتى أشرت إليها فى تعليقى على الكتاب، وهى خالية من كُلّ حاشية، وهى التى دلَّتنى على آخرِ كتاب " دلائل الاعجاز "، وأن ما بعد ذلك فى نسخة " ج "، إنما هو " رسائل وتعليقات " نقلها كاتب "ج " من خَطّ عبد القاهر بعد وفاته رحمه الله، والموجودة أيضاً فى الأصول التى طبعت عنها نسخة رشيد رضا. وهى تقع فى مطبوعتنا من أول الكتاب ص: ١، إلى ص: ٤٧٨، ونص كاتبها أنه بهذه النهاية تم كتاب " دلائل الاعجاز ".
فهاتان هما النسختان النفيستان اللتان جعلتُهمَا اصلاً لقراءتى وتعليقى.
• مطبوعة الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله سنة ١٣٢١، وهى أولُ مطبوعة صدرت، من كتاب " دلائل الِإعجاز"، فكتب فى آخر الكتاب كلمةً ذكر فيها أنه نشر كتاب "أسرار البلاغة " لعبد القاهر فى أول سنة ١٣٢٠، ثم قال: " لما هاجرت إلى مصرَ لإنشاء مجلة " المنار " الِإسلامى فى سنة ١٣١٥، وجدتُ الأستاذ الامام الشيخ محمد عبده، رئيس جمعية إحياء العلوم العربية، ومفتى الديار المصرية، مُشتغِلاً بتصحيح كتاب " دلائل الِإعجاز، وقد استحضر نسخةً من المدينة المنورة، ومن بغداد، ليقابلها على النسخة التى عنده. وأزيدُ الآن، أنه قد عُنى بتصحيحه أتم عناية، وأشرك معه فيها إمامَ اللغة وآدابها فى هذا العصر، الشيخ محمد محمود التركزىَّ الشِّنْقِيطى، ونَاهيك بكتابٍ اجتمعَ على تصحيح أصله علاّمتا المعقول والمنقول".
لأنَّ الشعراءَ في كلَّ عصرٍ وزمانٍ معدودون، والعامَّة ومَنْ لا يقولُ الشعرَ منَ الخاصَّةِ عديدة الرَّمل، ونحنُ نَعْلم أنْ لو كانَ منثورُ الكلام يُجمعُ كما يُجْمَع المنظومُ، ثم عمدَ عامدٌ فجمعَ ما قيلَ من جنْس الهَزْل والسُّخف نثراً في عصرٍ واحدٍ، لأَرْبى على جَميعِ ما قاله الشعراءُ نَظْماً في الأزمانِ الكثيرةِ١، ولغَمره حتى لا يظهرَ فيه.
ثم إِنك لو لم تَرْو من هذا الضربِ شيئاً قطُّ، ولم تَحْفَظْ إلاَّ الجِدَّ المحضَ، وإلاَّ ما لا مَعابَ عليكَ في روايته، وفي المحاضرةِ به، وفي نَسْخه وتَدوينهِ، لَكانَ في ذلك غِنًى ومندوحةٌ، ولوَجدْتَ طِلْبتَك ونِلْتَ مُرادك، وحصَل لك ما نحنُ ندعوكَ إِليه من عِلمِ الفصاحةِ، فاخترْ لنفسكَ، ودَعْ ما تَكْره إِلى ما تُحب.
١١ - هذا، وراوي الشَّعر حاكٍ، وليس على الحاكي عَيبٌ، ولا عليه تَبعةٌ، إِذا هوَ لم يَقصدْ بحكايتهِ أن يَنْصر باطلاً، أو يَسُوء مسْلِماً، وقد حكى اللهُ تعالى كلامَ الكفار، فانظرْ إِلى الغرضِ الذي له رُويَ الشعرُ، ومِن أَجْلهِ أُريد، وله دُوِّن، تَعلمْ أنك قد زُغْت عن المنهج، وأنك مُسيءٌ في هذه العداوة، وهو العصبيّةِ منكَ على الشَّعر٢. وقد استشهدَ العلماءُ لغريبِ القرآنِ وإِعرابهِ بالأبياتِ فيها الفحشُ، وفيها ذكْرُ الفعلِ القبيحِ، ثم لم يَعِبْهم ذلك، إذا كانوا لم يَقصدوا إِلى ذلك الفُحشِ ولم يريدوه، ولم يرووا الشعر من أجله.

١ "نظمًا" سقطت من ناسخ "ج".
٢ في المطبوعة: "وهي العصبية".


الصفحة التالية
Icon