ثم إنْ كان قد كان ذلك الانطلاقُ من اثنينٍ، فإنه ينبغي أن تَجْمَع بينهما في الخبر فتقول: "زيد وعمرو هما المنطلقان"، لا أن تُفرِّق فتُثْبِتَه أولاً لزيد، ثم تجيء فتُثْبتَه لعمرو.
ومِنَ الواضح في تمثيلِ هذا النحوِ قولُنا: "هو القائلُ بيتَ كذا"، كقولك: "جريرٌ هو القائل:
ولَيْسَ لِسَيْفي في العِظَامِ بقيّةٌ١
فأنتَ لو حاولتَ أن تُشْرك في هذا الخبرِ غيرَه، فتقولُ: "جريرٌ هو القائلُ هذا البيتَ وفلانٌ"، حاولت محالًا، لأنه قول بعينِه٢، فلا يُتصوَّر أن يُشرَكَ جريراً فيه غيره.

١ في ديوان جرير، وتمامه:
وللسيف أشوى وقعة من لسانيا
٢ في المطبوعة وحدها: "قوله بعينه".

الفروق في الخبر: القصر في التعريف
الخبر معرفا بالألف واللام، نحو "زيد هو الشجاع"، وتفصيل فروق الوجه الأول:
١٩٥ - وعلم أنكَ تَجد "الأَلف واللامَ" في الخبرِ على معنى الجنسِ، ثم تَرى له في ذلك وجوهاً:
أحدهما: أن تَقْصُرَ جنْسَ المعنَى على المُخْبَر عنه لقَصْدِك المبالغةَ، وذلك قولُك: "زيدٌ هو الجوادُ" و"عمرو هو الشجاعُ"، تريدُ أنه الكاملُ إلاَّ أنكَ تُخْرجُ الكلامَ في صورةٍ تُوهم أنَّ الجُودَ أو الشجاعةَ لم تُوجَدْ إلا فيه، وذلك لأنك لم تَعْتَدَّ بما كان مِنْ غَيْره، لقُصوره عن أن يَبْلغَ الكمالَ. فهذا.


الصفحة التالية
Icon