في شيء حال بيننا وبينه"، فقد نسبوه إلى السحر في كثير من الأمور، كما لا يخفى، وكان أقل ما يجب في ذلك أن يتذاكروه فيما بينهم، ويشكوه البعض إلى البعض، ويقولوا: "ما لنا قد نقصنا في قرائحنا، وقد حث كلول في أذهاننا" ففي أن لم يرو ولم يذكر أنه كان منهم قول في هذا المعنى، لا ما قل ولا ما كثر، دليل [على] أنه قول فاسد١، ورأى ليس من آراء ذوى التحصيل.
٤٢ - هذا، وفي سياق آية التحدي ما يدل على فساد هذا القول، وذلك أنه لا يقال عن الشيء منعه الإنسان بعد القدرة عليه، وبعد أن كان يكثر مثله منه: "إني قد جئتكم بما لا تقدرون على مثله ولو احتشدتم له، ودعونهم الإنسان والجن إلى نصرتكم فيه"، وإنما يقال: "إني أعطيت أن أحول بينكم وبين كلام كنتم تستطيعون وأمنعكم إياه، وأن أقحمكم عن القول البليغ، وأعدمكم اللفظ الشريف"، ومما شاكل هذا. ونظيره أن يقال للأشداء وذوي الأيد: "إن الآية أن تعجزوا عن رفع ما كان يسهل عليكم رفعه، وما كان لا يتكاءدكم ولا يثقل عليكم"٢.
ثم إنه ليس في العرف ولا في المعقول أن يقال: "لو تعاضدتم واجتمعتم جميعكم لم تقدروا عليه"٣، ي شيء قد كان الواحد منهم يقدر على مثله،

١ في المخطوطة والمطبوعة: "فبقى أن لم يرو"، والصواب ما أثبت. وسياق الكلام: ففي أن لم يرو. دليل على أنه قول فاسد".
٢ كان في المخطوطة: "ولا يثقل عليكم عراته ليس في العرف"، وهو في المطبوعة أتوابه على الصواب.
٣ في المخطوطة والمطبوعة: "واجتمعتم وجمعتم"، وهو خطأ ظاهر. والسياق: "أن يقال لو تعاضدتم... ، في شيء قد كان... ".


الصفحة التالية
Icon