ويسهل عليه ويستقل به، ثم يمنعون منه وإنما يقال ذلك حيث يراد أن يقال: "إنكم لم تستطيعوا مثله قط، ولا تستطيعونه البتة وعلى وجه من الوجوه، حتى إنكم لو استضفتم إلى قواكم وقدركم التي لكم قوى وقدرًا، وقد استمددتم من غيركم، لم تستطيعوه أيضًا" من حيث إنه لا معنى للمعاضدة والمظافرة والمعاونة١، إلا أن تضم قدرتك إلى قدرة صاحبك حتى يحصل باجتماع قدرتكما ما لم يكن يحصل.
فقد بان إذن أن لا مساغ لحمل الآية على ما ذهبوا إليه، وأن لا محتمل فيها لذلك على وجه من الوجوه، وظهر به وسائر ما تقدم أن القول بالصرفة، ولا سيما على هذا الوجه، قول في غاية البعد والتهافت، وانه من جنس ما لا يعذرا لعاقل في اعتقاده. ولم أقل: "ولا سيما على هذا الوجه"٢، وانا أعني أن للقول بها على الوجه الأول مساغًا في الصحة، ولكني أردت أن فساده كأنه أظهر، والشناعة عليه أكثر، وإلا فما هما، إن أردت البلاطن، إلا سواء.
٤٣ - فإن قلت: فكيف الكلام عليهم، إذا ذهبوا في "الصرفة" إلى الوجه الآخر، فزعموا أن التحدي كان أن يأتوا في أنفس معاني القرآن بمثل نظمه ولفظه؟ وما الذي دل على فساده؟
٢ في المخطوطة: "ولم أقبل ولا سيما على هذا الوجه، وأنا أعني أن القول"، وصواب قراءته ما أثبت. وهذا استدراك منه على قوله قبل سطرين: "ولا سيما على هذا الوجه"، وغيروا في المطبوعة الكلام، فكتبوا مكان "مساغًا": "مساغ"، ومكان "كأنه أظهر": "كان أظهر"، ولم يشيروا إلى هذا التغيير المفسد للكلام.