مَالِكًا هَلْ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُسَمِّيَ يس؟ قَالَ: مَا أَرَاهُ يَنْبَغِي، لِقَوْلِ اللَّهِ: ﴿يس﴾ [يس: ١] ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ﴾ [يس: ٢] يَقُولُ: هَذَا اسْمِي يس.
الثَّانِي: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يس يَا إنْسَانُ بِلِسَانِ الْحَبَشَةِ، وَقَوْلُك يَا طَهَ: يَا رَجُلُ. وَعَنْهُ رِوَايَةُ أَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ كُنِيَ بِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِيلَ لَهُ يَا يس أَيْ يَا سَيِّدُ.
الرَّابِعُ أَنَّهُ مِنْ فَوَاتِحِ السُّوَرِ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
سَمَّانِي اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ سَبْعَةَ أَسْمَاءٍ: مُحَمَّدًا، وَأَحْمَدَ، وَطَه، وَيس، وَالْمُزَّمِّلَ وَالْمُدَّثِّرَ، وَعَبْدَ اللَّهِ»
. وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، وَقَدْ جَمَعْنَا أَسْمَاءَهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ فِي كِتَابِ النَّبِيِّ.
[مَسْأَلَة الْعَبْدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَسَمَّى بِاسْمِ اللَّهِ إذَا كَانَ فِيهِ مَعْنًى مِنْهُ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ: لَا يُسَمَّى أَحَدٌ يس؛ لِأَنَّهُ اسْمُ اللَّهِ كَلَامٌ بَدِيعٌ؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَبْدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَسَمَّى بِاسْمِ اللَّهِ إذَا كَانَ فِيهِ مَعْنًى مِنْهُ، كَقَوْلِهِ: عَالِمٌ، وَقَادِرٌ، وَمُرِيدٌ، وَمُتَكَلِّمٌ؛ وَإِنَّمَا مَنَعَ مَالِكٌ مِنْ التَّسْمِيَةِ بِهَذَا، لِأَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ لَا يُدْرَى مَعْنَاهُ، فَرُبَّمَا كَانَ مَعْنَاهُ يَنْفَرِدُ بِهِ الرَّبُّ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ إذَا كَانَ لَا يَعْرِفُ هَلْ هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْبَارِي فَيُقَدَّمُ عَلَى خَطَرٍ مِنْهُ، فَاقْتَضَى النَّظَرُ رَفْعَهُ عَنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿سَلامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ [الصافات: ١٣٠].
قُلْنَا: ذَلِكَ مَكْتُوبٌ بِهِجَاءٍ فَيَجُوزُ التَّسْمِيَةُ بِهِ، وَهَذَا الَّذِي لَيْسَ بِمُتَهَجًّى هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ مَالِكٌ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِشْكَالِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


الصفحة التالية
Icon