السُّكْنَى، فَجَعَلَهُ حَقًّا لَهَا، وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ السُّكْنَى لِلْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ] لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [الطلاق: ١]. وَإِنَّمَا عَرَفْنَا وُجُوبَهُ لِغَيْرِهَا مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ بَيَّنَّاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ وَشَرْحِ الْحَدِيثِ، وَذَكَرْنَا التَّحْقِيقَ فِيهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الضَّحَّاكِ فَيَرُدُّهُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ﴾ [الطلاق: ١] وَهَذَا نَصٌّ الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ قَوْلُهُ: ﴿مِنْ بُيُوتِهِنَّ﴾ [الطلاق: ١] إضَافَةُ إسْكَانٍ، وَلَيْسَتْ إضَافَةَ تَمْلِيكٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ﴾ [الأحزاب: ٣٤] وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ.
وَقَوْلُهُ: ﴿لا تُخْرِجُوهُنَّ﴾ [الطلاق: ١] يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ حَقًّا عَلَى الْأَزْوَاجِ، وَيَقْتَضِي قَوْلُهُ: ﴿وَلا يَخْرُجْنَ﴾ [الطلاق: ١] أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى الزَّوْجَاتِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ ذَكَرَ اللَّهُ الْإِخْرَاجَ وَالْخُرُوجَ عَامًّا مُطْلَقًا، وَلَكِنْ رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَذِنَ لِخَالَتِهِ فِي الْخُرُوجِ فِي جِذَاذِ نَخْلِهَا».
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مَعًا، «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ وَكَانَ زَوْجُهَا طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ: لَا نَفَقَةَ لَك وَلَا سُكْنَى».
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَا خَيْرَ لَهَا فِي ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ.
وَفِي مُسْلِمٍ: «قَالَتْ فَاطِمَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَخَافُ أَنْ يُقْتَحَمَ عَلَيَّ قَالَ: اُخْرُجِي».
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ: كَانَ فِي مَكَان وَحِشٍ، فَخِيفَ عَلَيْهَا. وَقَالَ مَرْوَانُ: حَيْثُ عِيبَ عَلَيْهِ نَقْلُ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ حِينَ طَلَّقَهَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنُ الْعَاصِ. وَذَكَرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ إنْ كَانَ بِك الشَّرُّ فَحَسْبُك مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنْ الشَّرِّ.