القرطاجني، وأمره أن يتعقب ما فيه من خلل وَجَدَه، فسعى اللبلي لتعرُّفِ مواضع التعقب فَبَشَرَها بمعرفة حازم.
ومن المفيد أنه قد حفظت لنا كتب الأدب نماذج مما كان يجوس خلال مجالس المستنصر من أبحاث ومساجلات؛ ذكر صاحب "التذييل والتكميل" أن من غريب الحكايات ما حدثه به بعض أدباء تونس، والعهدة عليه: "أن الفقيه المحدث أبا القاسم ابن البَرَاء، كان يحرِّض شيخنا الأديب الحافظ أبا الحسن حازم بن محمد ابن حازم، على أن يشتغل بالفقه ويكُفَّ عن الأدب، فحضر حازم وجماعة عند المستنصر ملك إفريقية، وذكروا قراءة ابن كثير (وَكائِن)، واستغربوها، وقالوا: لم يجئ منها في كلام العرب إلا قول الشاعر:
وَكائِنْ بِالأبَاطِحِ مِنْ صَدِيقٍ
فقال لهم حازم: قد ورد منها ما لا يُحصى، فطلبوا ذلك منه، فأنشدهم من هذه اللغة ألف بيت!، فدفع له المستنصر ألف دينار من الذهب، فجاء بها إلى ابن البراء فقال له: هذه مسألةٌ من الأدب أخذْتُ منها ألف دينار، فأَرني أنتَ مسألة من الفقه حصل بها المختبر ألف دينار. -زاد الإفرانى-: والذي أقوله، أَن هذه المسألة كانت مُبَيَّتة، طُولع فيها دواوين أياما كثيرة؛ على أن حازما كان من الحفظ في غاية لا يُشارك فيها.
وقد كانت المساجلات الدائرة بحضرة المستنصر تتطور فتثمر تأليفا ينصر أو يرُدُّ بعض ما اعتوره العلماء بالنقاش، ففي تفسير أبي القاسم السلاوي -عند تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِق﴾ -: "ع: ويُحكى عن شيخ يقال له ابن عبد القادر، كان قرأ عليه الشيخ ابن الدَّراس الطبيب، أنه اجتمع مع الفقهاء عند السلطان المستنصر، فبحثوا ثَمَّ في التشاؤم بعدد التسع وأنه مستَقْبَحٌ مرجوح، فبحث هو على أنه مستحسن؛ وألف فيه كتابا".