- أحدهما: أنه بعد العدم لم يُبق شيئا، فكيف يحكم على العدم بالوجود؟.
وأجاب تعالى عن هذه الشبهة بقوله: (الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ)، أي: كما خلق الإنسان ولم يكن شيئا مذكورا، فكذلك يعيده وإن لم يبق شيئا مذكورا. - والوجه الثاني: أن من تفرقت أجزاؤه في الجهات وفي أبدان السباع وغيرها، كيف يُجمع؟. وأبعد من هذا أن إنسانا إذا أكل إنسانا فصار أجزاء المأكول في أجزاء الآكل، فإن أعيد فأجزاء المأكول إمّا أن تُعاد إلى بدن الآكل فلا يبقى للمأكول أجزاء يخلق منها أعضاء، وإما أن تعاد إلى بدن المأكول فلا يبقى الآكل أجزاء؛ فقال تعالى في إبطال هذا الوجه من الشبهة (وَهُوَ بكُلِّ خَلْقٍ عَليمٌ)؛ ووجْهُه أنّ في الآكل أجزاءَ أصليةً وأجزاء فضْلية، وفَي المأكول كذلكَ، فإذا أكل إنسان إنسانا صار الأصلي من أجزاء المأكول فضليا من أجزاء الآكل. والأجزاء الأصلية للآكل ما كان له قبل الأكل، والله بكل خلق عليم، يعلم الأصلي من الفضلي، فيجمع الأجزاء الأصلية للآكل، وينفخ فيه من روحه، وكذلك يجمع أجزاءه المتفرقة في الأماكن.