كَأَنَّهُ بِالضُّحَى تَرْمِي الصَّعِيدَ بِهِ | دَبَّابَةٌ فِي عِظَامِ الرَّأْسِ خُرْطُومُ «١» |
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ
«٢». وَالصَّعِيدُ أَيْضًا: الطَّرِيقُ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ:" إِيَّاكُمْ وَالْقُعُودَ عَلَى الصُّعُدَاتِ" يُرِيدُ الطُّرُقَ. وَالْجُرُزُ: الْأَرْضُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ شَيْئًا، وَجَمْعُهَا أَجْرَازٌ. وَيُقَالُ: سَنَةٌ جُرُزٌ وَسُنُونَ أَجْرَازٌ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَكُونُ فِيهَا مَطَرٌ. وَتَكُونُ فِيهَا جُدُوبَةٌ وَيُبْسٌ وَشِدَّةٌ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ إِبِلًا:
طَوَى النَّحْزُ وَالْأَجْرَازُ مَا فِي بُطُونِهَا | فَمَا بَقِيَتْ إِلَّا الضُّلُوعُ الْجَرَاشِعُ «٣» |
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ اسْتَقْبَلَ قِصَّةَ الْخَبَرِ فِيمَا سَأَلُوهُ عَنْهُ مِنْ شَأْنِ الْفِتْيَةِ فَقَالَ:" أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً" أي قد كان من آياتي فيه وَضَعْتُ عَلَى الْعِبَادِ مِنْ حُجَّتِي مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالرَّقِيمُ الْكِتَابُ الَّذِي رُقِمَ بِخَبَرِهِمْ، وَجَمْعُهُ رُقُمٌ. قَالَ الْعَجَّاجُ:
وَمُسْتَقَرُّ الْمُصْحَفِ الْمُرَقَّمِ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ
«٤». قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ قَالَ" إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً. فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً. ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً". ثُمَّ قَالَ:" نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ" أَيْ بِصِدْقِ الْخَبَرِ" إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْناهُمْ هُدىً. وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً" أَيْ لَمْ يُشْرِكُوا بِي كَمَا أَشْرَكْتُمْ بِي مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَالشَّطَطُ الْغُلُوُّ وَمُجَاوَزَةُ الْحَقِّ. قَالَ أَعْشَى [بنى
«٥»] قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ:
أَتَنْتَهُونَ وَلَا يَنْهَى ذَوِي شَطَطٍ | كَالطَّعْنِ يَذْهَبُ فِيهِ الزَّيْتُ والفتل |