آخَرُ:
إِنِّي إِذَا مَا حَدَثٌ أَلَمَّا | أَقُولُ يَا اللَّهُمَّ يَا اللَّهُمَّا |
قَالُوا: فَلَوْ كَانَ الْمِيمُ عِوَضًا مِنْ حَرْفِ النِّدَاءِ لَمَا اجْتَمَعَا. قَالَ الزَّجَّاجُ: وَهَذَا شَاذٌّ وَلَا يُعْرَفُ قَائِلُهُ، وَلَا يُتْرَكُ لَهُ مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَفِي جَمِيعِ دِيوَانِ الْعَرَبِ، وَقَدْ وَرَدَ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ
«١»:
هُمَا نَفَثَا فِي فِيِّ من فمويهما | ما عَلَى النَّابِحِ الْعَاوِي أَشَدَّ رِجَامِ |
قَالَ الْكُوفِيُّونَ: وَإِنَّمَا تُزَادُ الْمِيمُ مُخَفَّفَةً فِي فَمٍ وَابْنُمٍ، وَأَمَّا مِيمٌ مُشَدَّدَةٌ فَلَا تُزَادُ. وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: مَا قَالَهُ الْكُوفِيُّونَ خَطَأٌ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالُوا كَانَ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ:" اللَّهُمَّ" وَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعَهُ دُعَاءٌ. وَأَيْضًا فَقَدْ تَقُولُ: أَنْتَ اللَّهُمَّ الرَّزَّاقُ. فَلَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَوْا لَكُنْتُ قَدْ فَصَلْتُ بِجُمْلَتَيْنِ بَيْنَ الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ. قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: مَنْ قَالَ اللَّهُمَّ فَقَدْ دَعَا اللَّهَ تَعَالَى بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ كُلِّهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: اللَّهُمَّ تَجْمَعُ الدُّعَاءَ. قَوْلُهُ تَعَالَى: (مالِكَ الْمُلْكِ) قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعْطِيَ أُمَّتَهُ مُلْكَ فَارِسَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: سَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ مُلْكَ فَارِسَ وَالرُّومِ فِي أُمَّتِهِ، فَعَلَّمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنْ يَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ. وَ" مالِكَ" مَنْصُوبٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ عَلَى أَنَّهُ نِدَاءٌ ثَانٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ"
«٢» وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُمَّ لِأَنَّهُ قَدْ ضُمَّتْ إِلَيْهِ الْمِيمُ. وَخَالَفَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ
«٣» الزَّجَّاجُ فَقَالَا:" مالِكَ" فِي الْإِعْرَابِ صِفَةٌ لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَلِكَ" فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
". قَالَ أَبُو عَلِيٍّ، هُوَ مذهب